تخلى أفراد فريق «مقاتلي الماساي» عن الحراب والدروع على أحد الشواطئ في مومباسا على الساحل الكيني وتسلحوا بالكرة وعصا الكريكت، إلا أنهم حافظوا على التنورة الحمراء والحلي المتعددة الألوان التي تميز هذه القبيلة الكينية الشهيرة.الكريكت المستورد في كينيا شأنها في ذلك شأن كل الإمبراطورية البريطانية السابقة، من قبل المستعمر البريطاني، يمارس عادة فقط في المدن الثلاث أو الأربع الكبرى في البلاد.ولم يكن أحد من المحاربين الماساي هؤلاء من منطقة لايبيكيا (وسط) التي لا يصلها التيار الكهربائي قد سمع بالكريكت قبل عام 2007 عندما بدأت عليا باوير الشغوفة بهذه الرياضة بإطلاع تلاميذ وتلميذات المدرسة في بلدة إيل بوليي.فباوير الجنوب إفريقية البالغة 34 عاما مدربة تحمل شهادة وهي حكم دولي سابق في الكريكت تقيم منذ سبع سنوات في كينيا وكانت تعمل يومها على مشروع دراسات حول الحيوانات الرئيسة في تلك المنطقة. وتوضح «بدأ صبيان أكبر سنا كانوا يمرون بالمكان يهتمون بهذه الرياضة». أحد لاعبي الفريق سونيانانغا ويبلين أولي نغيس (23 عاما) يتذكر أن «هذه اللعبة الغريبة جدا أثارت فضولي».وتقول عليا باوير « إن تعليم الناس رياضة جديدة لم يروها في حياتهم لتحد كبير» وقد واجهت أيضا مشكلة غياب المنشآت الرياضية والعتاد، وسمحت تبرعات منذ ذلك الحين بتجهيز الفريق بالعصي والطابات والقفازات والعتاد الواقي.إلا أن اللعبة لم تبق غريبة طويلا بالنسبة للماساي. ويقول فرانسيس ميشامي (29 عاما) أول رام في الفريق الذي يلعب في صفوفه منذ إنشائه «اللعبة سهلة فرمي الكرة مثل رمي الرمح القصير ، أما العصا فتشبه كثيرا الرونغو أي الهراوة الخاصة بنا».وتقول باوير إن «الموران» (أي المحاربون الماسايا الشباب) «يتعلمون رمي الرمح وهم صغار جدا ويتمتعون بأذرع قوية في الأساس، وهم ماهرون ويتمتعون بالميزات الجسدية المناسبة جدا. ويمكنهم أن يتحولوا إلى لاعبين موهوبين جدا».الحماسة فعلية فأحد اللاعبين لا يتردد في قطع مسافة 16 كيلومترا مشيا على الأقدام للوصول إلى مكان التمارين. و16 كيلومترا للعودة إلى دياره.وعلى الرغم من قلة الوسائل المتوفرة فإن الفريق تقدم كثيرا منذ أولى الرميات. فقد شارك على سنتين متتاليتين في «لايبيكيا هايلاندز غيم» أي «الأولمبياد» الذي تلتقي في إطاره كل قبائل المنطقة. وتلقى كثير من اللاعبين العام 2011 شهادة رسمية بالتدريب بعد قدوم مدربين من المنظمة غير الحكومية «كريكيت بلا حدود» إلى لايكيبيا.ويشارك 12 لاعبا منذ نهاية يناير في مومباسا في دورة تدريبية من شهرين في «منبت اسطورات الكريكت» وهي أكاديمية أنشأها لاعبون سابقون في المنتخب الوطني وقد قاموا بعرض لمهاراتهم في مباراة دولية بين كينيا وأيرلندا.فضلا عن الجانب الرياضي يستغل الفريق الكريكت لتمرير رسائل مختلفة ضمن جماعات الماساي التقلدية جدا والذكورية. في المدارس ويتكلم اللاعبون عن الوقاية من مرض الإيدز ومكافحة الختان وتعدد الزوجات والزيجات في سن مبكرة والترويج للمساواة بين الرجل والمرأة ومكافحة إدمان الكحول والمخدرات وحماية البيئة...