نفّذ الجيش الأمريكي، أمس، موجةً جديدةً من الضربات الجوية ضد مواقع ل «القاعدة» في اليمن، في أحدث مؤشرات تزايد تركيز الولاياتالمتحدة على ما تصنّفه كأحد أخطر فروع التنظيم الإرهابي. وبعد شنها أكثر من 20 ضربة جوية الخميس على مواقع لفرع التنظيم؛ أفاد سكانٌ بتنفيذ القوات الأمريكية عمليةً عسكريةً أخرى الجمعة في قرية وادي يشبم في محافظة شبوة (جنوب) تضمنت من 10 إلى 15 ضربة جوية، حسبما أوردت وكالة الأنباء «رويترز» عبر موقعها الإلكتروني. وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» تنفيذ الموجة الجديدة من الغارات. وذكر سكانٌ أن بعض الضربات أصابت منازل مدنية وأن من بين المصابين عدداً من المدنيين. ووفقاً ل «رويترز»؛ أشار سكانٌ، أيضاً، إلى اشتباكاتٍ بريةٍ بين جنود أمريكيين ومسلحين في «القاعدة»، لكن «البنتاجون» نفت صحة «التقارير» التي تحدثت عن اشتراك قواتها في هجوم بري. ونقلت «رويترز» عن شهودٍ أن «قوات عسكرية يُعتقَد أنها أمريكية نفذت الجمعة هجومين على أهدافٍ يُشتبَه أنها تابعة لتنظيم القاعدة في جنوب اليمن». وأفاد سكانٌ بأن هذه القوات، المدعومة بطائرات دون طيار ومروحيات من طراز «أباتشي»، نزلت إلى وادي يشبم في شبوة بعد منتصف ليل الخميس- الجمعة واشتبكت مع من يُشتبَه أنهم متشددون من «القاعدة» في معركةٍ استغرقت نحو نصف ساعة. وكان أحد المواقع المستهدفة منزل سعد عاطف، وهو قيادي في التنظيم الإرهابي في هذه المنطقة. وقال السكان إن الهجوم تضمن ما بين 10 و15 ضربة جوية أصابت بعضها منازل مدنيين وأوقعت مصابين بينهم عددٌ من المدنيين. وأصابت الضربات نفسها، حسبما أوردت «رويترز»، منزل الزعيم المحلي الجنوبي، ناصر النوبة، الذي أبلغ صحيفة «عدن برس» بأنه كان على مسافة 100 متر من القتال. وبعد ذلك بنحو 3 ساعات؛ أبلغ سكانٌ في منطقة جبل موجان في محافظة أبين المجاورة عن تنفيذ طائراتٍ، أمريكيةٍ على الأرجح، ضرباتٍ جويةٍ بعد تحليقها فوق المنطقة. وتابع السكان بالقول إن الاشتباكات هناك بين من يُشتبَه إنهم مسلحون من «القاعدة» والجنود الأمريكيين استمرت لنصف ساعة ثم تجددت نحو الخامسة صباحاً. وتأتي الضربات بعد أكثر من شهر على عمليةٍ نفذتها قوات أمريكية ضد مواقع ل «القاعدة» في محافظة البيضاء (وسط اليمن)، ما أسفر آنذاك عن مقتل 14 من مسلحي التنظيم وجندي أمريكي من القوات الخاصة التابعة للبحرية إضافةً إلى مدنيين. وكانت تلك العملية، التي تخلّلها إنزالٌ على الأرض، هي الأولى التي يأمر بها الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، ضد هذا الفرع من التنظيم. وأفادت وكالة الأنباء «فرانس برس» بأن الضربات الجوية الأمريكية، التي استهدفت أمس مواقع ل «القاعدة» في اليمن لليوم الثاني على التوالي، أوقعت 8 قتلى من المتطرفين. ونقل الموقع الإلكتروني للوكالة عن مسؤولين قبليين أن هذه الغارات، التي تمّت قبل فجر الجمعة، استهدفت 3 منازل في وادي يشبم بالقرب من مديرية الصعيد في شبوة؛ أحدها يعود إلى زعيم التنظيم في المحافظة سعد عاطف. وأشار مسؤولون أمنيون إلى مقتل 8 متطرفين على الإثر، بينما لفتت مصادر قبلية إلى إصابة نساء وأطفال بجروح. ووفقاً ل «فرانس برس»؛ ردّ التنظيم بإطلاق صواريخ مضادة للطائرات، فيما شاركت مروحيات أمريكية في الغارات. وتحدث أحد سكان مديرية الصعيد عن «ليلة رهيبة». وكانت وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت شن نحو 20 غارةٍ على التنظيم الخميس، عبر طائرات دون طيار ومقاتلات جوية، و«هو أمر غير مألوف مما يشكّل مؤشراً على تكثيف واشنطن جهودها في محاربة المجموعة المتطرفة»، حسبما رأت «فرانس برس». وتواصل واشنطن منذ أعوام تنفيذ غاراتٍ بطائراتٍ دون طيار ضد هذا الفرع من التنظيم، لكن وتيرة الضربات ازدادت في الأشهر الأخيرة. وعلّق المتحدث باسم «البنتاغون»، جيف ديفيس، بالقول إن «القاعدة تستفيد من المناطق الخارجة عن نطاق السلطة في اليمن من أجل إعداد أو توجيه هجمات إرهابية ضد الولاياتالمتحدة وحلفائها»، مشدداً «القوات الأمريكية ستواصل العمل مع الحكومة اليمنية من أجل التغلب على القاعدة»، ومشيراً، في بيانٍ لاحقٍ، إلى 30 غارة في هذا الإطار منذ الخميس. واستغل تنظيما «القاعدة» و»داعش» الإرهابيان الانقلاب على السلطات اليمنية الشرعية في مطلع عام 2015م؛ لتعزيز وجودهما. لكن الحكومة الشرعية، المدعومة من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، تؤكد أنها تواجه التنظيمين بالتوازي مع مواجهتها الانقلابيين (ميليشيات الحوثي- صالح). في سياقٍ مختلف؛ اتهم مصدرٌ في الحكومة الشرعية الانقلابيين بتحصيل نحو 981 مليار ريال يمني في صورة إيراداتٍ في 2016م، بينها ضرائب عن النفط، دون أن ينفقوا ريالاً واحداً على الخدمات والرعاية الصحية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. وأبدى المصدر، الذي تحدث أمس لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ»، استغرابه لصمت المجتمع الدولي إزاء تحصيل الميليشيات أموالاً طائلة في المناطق التي تحتلها، ومنها العاصمة صنعاء، دون العودة إلى خزانة الدولة التي تشرف الشرعية عليها «في وقتٍ يتزايد الضغط على الحكومة الشرعية (ومقرها الحالي في العاصمة المؤقتة عدنجنوباً) لدفع مستحقات الموظفين من مرتباتٍ وما إلى ذلك». وبحسبه؛ فإن «الانقلابيين يواصلون جبي الأموال الطائلة تحت مسميات مختلفة ولا يوردونها إلى خزانة البنك المركزي» كي لا يساعدوا الحكومة الشرعية على الوفاء بالتزاماتها أمام مواطنيها. ولفت المصدر إلى معلومات تؤكد أن معظم هذه الأموال وأكثر منها ذهب إلى ما يسمى «المجهود الحربي» لتمويل حرب الانقلابيين، المدعومين من إيران، على اليمنيين. وكثُرَت الاتهامات الموجّهة إلى ميليشيات الحوثي- صالح بتمويل مسلحيها من الأموال العامة. ونقلت "سبأ" عن المصدر الحكومي دعوته المنظمات الإنسانية إلى ممارسة دورها في تعرية تصرفات الميليشيات وإجراءاتها التعسفية ضد المدنيين. في الوقت نفسه؛ دعا المصدر المدنيين إلى عدم الرضوخ لسياسات الإقصاء والتجويع التي تمارسها الميليشيات، واصفاً حكومة التمرد في صنعاء بحكومة عصابة لم تتم تسميتها إلا بغرض نهب المواطن.