قُتِلَ عشراتٌ من عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي ومدنيون في محافظة البيضاء (وسط اليمن) صباح أمس في عمليةٍ عسكريةٍ أمريكية بطائراتٍ دون طيار ومروحياتٍ قتالية فضلاً عن إنزالٍ مظلّي. وقُتِلَ، في العملية نفسها، جندي أمريكي وأصيب 3 آخرون. وتباينت التقديرات بشأن أعداد القتلى من عناصر «القاعدة» والمدنيين. وأفادت وكالة الأنباء «رويترز»، عبر موقعها الإلكتروني، بمقتل 30 شخصاً، بينهم من يُشتبَه في انتمائهم إلى «القاعدة»، ومدنيون، في «غارةٍ وقعت فجر الأحد». بينما تحدثت وكالة الأنباء «فرانس برس»، عبر موقعها، عن مقتل 41 من عناصر التنظيم الإرهابي و16 مدنياً. أما بيان «القيادة المركزية الأمريكية» فأشار إلى مقتل 14 عنصراً من التنظيم مقابل مقتل جندي أمريكي وإصابة 3 آخرين. والجندي هو الأول الذي يُقتَل من الجنود الأمريكيين منذ تولي إدارة دونالد ترامب رئاسة الولاياتالمتحدة قبل نحو 10 أيام. وذكر البيان الأمريكي أن هذا الهجوم، وهو الأول لإدارة ترامب ضد فرع تنظيم القاعدة في الأراضي اليمنية، يأتي ضمن تحركات تصعيدية ضد المخطِّطين الارهابيين في اليمن ومناطق أخرى في العالم. ومراراً؛ استهدفت طائرات أمريكية من دون طيار هذا الفرع من القاعدة خلال فترة الرئيس السابق للولايات المتحدة، باراك أوباما. ومن بين القتلى في العملية الأمريكية التي وقعت في حي يكلا في محافظة البيضاء (إلى الجنوب من صنعاء) عبدالرؤوف الذهب، وهو، بحسب وكالة «رويترز»، قيادي كبير في تنظيم القاعدة, ونقلت الوكالة عن مسعفين في المكان ومسؤول محلي أن 30 شخصا قُتِلوا بينهم 10 نساء و3 أطفال. وجاء في البيان العسكري الأمريكي أن الهجوم نتج عنه جمع «معلومات ستقدِّم على الأرجح نظرةً عميقةً للمخططات الإرهابية في المستقبل». وتعرضت طائرة عسكرية شاركت في العملية إلى هبوط اضطراري، ما دفع القوات الأمريكية إلى «تدميرها عمداً في الموقع». ونسبت «رويترز» إلى أحد السكان، الذي طلب عدم نشر اسمه، قوله إن «العملية بدأت في الفجر حينما قصفت طائرة من دون طيار منزل عبد الرؤوف الذهب ثم حلّقت طائرات هليكوبتر وأنزلت مظليين في منزله وقتلت كل من كانوا في الداخل». ولفت المصدر إلى قيام مسلحين، بعد ذلك، ب «فتح النار على الجنود الأمريكيين الذي غادروا المنطقة» فيما «قصفت الطائرات الهليكوبتر المسلحين وعدداً من المنازل، ما أسفر عن وقوع عدد كبير من القتلى». وأفاد مدني آخر يُدعى فهد بأن عدّة جثث لا تزال تحت الأنقاض وأن منازل ومسجداً تعرضت إلى أضرارٍ جرّاء الهجوم. ولم يحدِّد «القاعدة»، في رسالةٍ على منصة التواصل الإلكتروني «تليجرام»، عدد القتلى من أعضائه، وأقرّ بمقتل الذهب مع آخرين. وبحسب «رويترز»؛ فإن «من بين الأطفال الذين قُتِلوا في الغارة الطفلة أنوار العولقي البالغة من العمر 8 سنوات، وهي ابنة أنور العولقي المولود في الولاياتالمتحدة وأحد القادة اليمنيين البارزين للقاعدة، والذي قُتِلَ في ضربة لطائرة أمريكية دون طيار في عام 2011». وأبلغ جد الطفلة، ناصر العولقي، عن مقتلها، وقال ل «رويترز» إنها أصيبت برصاصة في العنق وعانت لساعتين قبل أن تلقى حتفها. وهجوم يوم أمس هو أول عمليةٍ بريةٍ أمريكيةٍ خاصةٍ في اليمن منذ أكثر من سنتين، أي قبل أشهر من انزلاقه إلى النزاع المسلح الدائر بين سلطاته الشرعية والانقلابيين (ميليشيات الحوثي- صالح). وحاولت قوات خاصة أمريكية، في ديسمبر 2014، إنقاذ رهينة أمريكي وآخر من جنوب إفريقيا احتجزهما «القاعدة» في جزء آخر من اليمن في الشهر نفسه، لكن الرهينتين قُتِلا في تبادلٍ لإطلاق النار اندلع بعد محاولة إنقاذهما. وكان فرع «القاعدة» في اليمن شن هجوماً استهدف مقر مجلة «شارلي إيبدو» في العاصمة الفرنسية باريس في مطلع 2015، وحاول مراراً إسقاط طائرات ركاب أمريكية، وهو الأخطر بين فروع التنظيم الإرهابي، وفق تقدير واشنطن. وتخضع يكلا في البيضاء لسيطرة مجموعات قبلية محلية، علماً أن الحوثيين يحتلون أغلب مناطق المحافظة. وذكر موقع «فرانس برس» أن الهجوم في يكلا استهدف فجر الأحد مجموعة منازل وأبنية بطائرات دون طيار ومروحيات قتالية. ونقلت الوكالة عن مصادر محلية وقبلية أن «طائرات دون طيار ومروحيات أباتشي وجّهت فجراً ضربات إلى مجموعة من المنازل التابعة ل 3 زعماء قبليين على صلة بالقاعدة في يكلا»، وهم عبدالرؤوف ذهب، وشقيقه سلطان ذهب، وسيف الجوفي. وأفاد مسؤول محلي بأن الهجوم استهدف كذلك مدرسةً ومسجداً ومنشأة طبية يستخدمها مسلحو «القاعدة»؛ وأدى إلى مقتل 41 من هؤلاء المسلحين و16 مدنياً هم 8 نساء و8 أطفال. وتحدثت مصادر قبلية عن عملية إنزال أمريكية لقوات كوماندوس في الهجوم الذي استُخدِمت فيه صواريخ «جو- أرض». ولم يكن بالإمكان التأكد من مصادر أخرى من حدوث هذا الإنزال. ونسبت «فرانس برس» إلى «المسؤول المحلي» و»المصادر القبلية» أن الزعماء القبليين الثلاثة المتصلين ب «القاعدة» قُتِلوا. وقُتِلَ في السابق شقيقان لعبد الرؤوف وسلطان الذهب، كانا كذلك على صلة بالتنظيم، إثر غاراتٍ نفذتها طائرات دون طيار. وتحدث «المسؤول المحلي»، في الوقت نفسه، عن «مقتل قائد مجموعات التنظيم في المنطقة، ويدعى أبو برزان» في الهجوم في يكلا. فيما أوضح مصدرٌ قبلي أن الهجوم استمر لنحو 45 دقيقة وتخللته مواجهة مع عناصر «القاعدة» الذين ردّوا عبر إطلاق النيران من أسلحتهم الرشاشة. وبحسب سكان في المنطقة؛ يدير «القاعدة» معسكرين في يكلا، وهي منطقة جبلية يصعب الوصول إليها وتقع على مقربة من رداع التي تعتبر ملاذاً للمسلحين المتطرفين منذ سنوات. وفي ال 14 من يناير الجاري؛ أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) مقتل قيادي في التنظيم الإرهابي في ضربة جوية في البيضاء. وسبق للحكومة اليمنية الشرعية، ومقرها الحالي عدن (جنوب) بعد احتلال الانقلابيين العاصمة صنعاء، الإعلان عن خوضها، بدعمٍ من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، مواجهة مزدوجة ضد ميليشيات الحوثي- صالح وفرعي تنظيمي «القاعدة» و«داعش» الإرهابيَّين. وعلى صعيد المعارك بين قوات الشرعية والانقلابيين في غرب محافظة تعز (غرب)؛ قالت مصادر عسكرية وطبية، أمس، إن أكثر من 100 مقاتلٍ قُتِلوا «خلال الساعات ال 24 الماضية» بواقع 90 من ميليشيات الحوثي- صالح مقابل 19 جندياً من الجيش. ونقل موقع «روسيا اليوم» الإلكتروني الإخباري هذا الإحصاء عن «فرانس برس». ومنذ أسابيع؛ تستهدف قوات الشرعية (الجيش اليمني والمقاومة الشعبية) تحرير مناطق ساحلية مطلّة على البحر الأحمر. وأعلنت القوات، الإثنين الماضي، الدخول إلى مدينة المخا وبدء معارك لإخراج من تبقّى فيها من الانقلابيين. ونقل موقع «فرانس برس» عن مصادر أن الانقلابيين خسروا 90 من أفرادهم «خلال الساعات ال 24 الأخيرة» وأن «المعارك الشرسة التي شهدتها منطقة المخا (جنوب غرب) أودت بحياة 19 جندياً حكومياً». وذكرت المصادر نفسها أن طيران التحالف العربي شن غارات ضد مواقع الحوثيين في المخا، من بينها قاعدة عسكرية يحتلونها، وتعزيزاتهم في ساحل محافظة الحديدة (شمال غرب). وبحسب «روسيا اليوم»؛ نقلت «فرانس برس» عن مصدر طبي في الحديدة أن المستشفى العسكري في المدينة استقبل «خلال الساعات ال24 الماضية» جثث أكثر من 90 من المسلحين الانقلابيين وعديداً من الجرحى. وكان مصدرٌ عسكري يمني أبلغ «فرانس برس»، السبت، بإحراز الجيش والمقاومة تقدماً في المخا واستعادتهما مقر الشرطة وشوارع عدة حوله. في سياقٍ مختلف؛ اعتبر الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، أن «الاعتصامات في المواقع الحيوية مثل مصفاة عدن ليست إلا عقاباً جماعياً للمواطنين ولا تخدم الموظف أو المواطن بقدر ما تخلق معاناة لحياة المواطن البسيط (تتمثل في) شلّ خدماته الضرورية المرتبطة بعمل المصفاة». وجاءت تصريحاته لدى تفقده، أمس في عدن، شركة المصافي في المدينة، إذ تجوّل في منشآتها والتقى عمالاً وموظفين للوقوف على تداعيات اعتصامهم. واستمع الرئيس، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ»، إلى قيادة المصفاة والنقابة «واضعاً الحلول ومذللاً الصعاب التي كانت تقف حائلاً دون اضطلاع هذه المنشأة الحيوية بوظائفها في خدمة التنمية والمجتمع». وذكرت «سبأ» أن منتسبو المصفاة أبدوا ارتياحهم للزيارة، وأعلنوا عقب اجتماعٍ مع الرئيس «تعليق اعتصامهم والعودة إلى العمل بالطاقة القصوى لتغطية احتياجات المواطنين». ووجَّه هادي الحكومة الشرعية ب «سرعة الوفاء بالتزاماتها تجاه المصفاة، وحلّ مشكلات الموظفين وإيلائها الرعاية الكاملة». وكان الرئيس نفذ، بحسب ما أوضحت الوكالة، زيارةً ميدانيةً إلى عددٍ من أحياء عدن «لتفقد أحوال المواطنين»، وأشار إلى «ما تحويه المدينة من مناطق جاذبة للسياحة والاستثمار في ظل تعزيز الأمن والاستقرار الذي يعدّ مسؤولية وطنية ومجتمعية». وفي أوقاتٍ سابقة؛ حررت قوات الشرعية، بدعمٍ من التحالف العربي الذي بدأ عملياته في مارس 2015، معظم مناطق جنوب اليمن ومناطق في شرقه وشماله وغربه، فيما يتركز وجود الانقلابيين في صنعاء ومناطق أخرى. أفاد مسؤول عسكري في الولاياتالمتحدة بأن الرئيس دونالد ترامب أجاز الغارة التي شنتها القوات الخاصة الأمريكية أمس على مقرٍ لتنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن و«استهدفت جمع معلومات مخابرات عن التنظيم». وذكر المسؤول، بحسب ما أورد الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء «رويترز»، أن القوات لم تضبط أي متشدد أو تأخذ أي أسرى من الموقع بعد الهجوم.