القطار عندنا وفي الخليج أصابته عين حاسدة فصار وعداً منذ الثمانينيات، نسمع به ولا نراه مثل بيض الصعو، ورغم أهمية القطارات للنقل، ولتخفيف العبء على الطرق؛ فهي إضافة اقتصادية في الإنتاج الوطني، خصوصاً في بلدنا المملكة المترامي الأطراف والمتنوع، الذي تقوم فيه الحاجة لنقل الحج بين الخليج ومكة، وبين الخليج، والمصائف السعودية والمشاتي في الشمال والجنوب؛ حيث يفضل كثير من الخليجيين الحج والعمرة وبعدها يحلو لهم قضاء الإجازات في بلادنا مع أسرهم، وهو مورد يستحق أن تُنشأ له القطارات. عرف العالم القطار قبل أكثر من 200 عام، وعرفته بلادنا وبعض البلاد العربية قبل مائة عام تقريباً، والقطار هو النقل الكبير، وهو بالتالي ما نُسج حوله قصص، وتراث، وأمثال ووجدانيات، وحب لقاء، وفراق، وما زال القطار هو أكثر وسائل النقل اقتصاداً وأقل تدميراً للطرق، وأكثر ضماناً لوصول الناس، والبضائع، وقد تأخرت منطقة الخليج كثيراً في تبني هذه الوسيلة، وأعلنت عدة مرات مشاريع خليجية للقطار بين دول الخليج ومناطق المملكة ومنها مكة، وقيل إن الطريق الجديد للقطار من دبي إلى مكة يستغرق بضع ساعات ويختصر المسافة إلى ثلث وقتها الحالي. كما أن القطارات ستؤدي لازدهار السياحة والتنقل التجاري بين عواصم الخليج وترفع درجة التبادل البيني للبضائع، لكن كل هذه الجدوى تصطدم عند بعضهم بمعوق مادي، حيث يطلب أن يكون التمويل قطاعاً خاصاً فتبطئ، أو تموت هذه المشاريع الجبارة بمعدها. إلى الآن مشروع القطار الخليجي بين أخذ ورد، مرة نسمع أنه أقر، ومرة نسمع أنه أجِّل، ومرات يتجاهله مجلس التعاون ويتحدث فيه مستثمرون. أولاً نتمنى أن نسمع كلمة جازمة بتبني هذا المشروع وإسناده إلى جهات استثمار قادرة على تنفيذه، وثانياً نتمنى أن يكون بمستوى الطموح وسريعاً بما يكفي ليجذب الناس لاستعماله. القطار لو عبر الصحراء لتمت السيطرة على أصقاع مجهولة واستثمرت ودخلت النطاقات المستثمرة والعمرانية. هل فات الوقت لنجتهد وننشر القطار فنجد محاصيل الجنوب في الشمال وتمور الوسط في الجنوب وحجاج الخليج متكئين في قطار سريع لمكة والمدينة؟ وما زال القطار «حديث خرافة» أو بيض صعو في بلادنا الخليجية تُذكر ولا تُرى.