من منّا لا يعرف الدكتور عبدالله الفوزان عضو مجلس الشورى في دورته الحالية، وأحد أشهر أساتذة علم الاجتماع في جامعاتنا، الذي تقاعد عن العمل بعد مسيرة حافلة من العطاء والعمل، تنقل خلالها مابين أروقة معهد الإدارة العامة، إلى مدرجات جامعة الملك سعود، ثم ختمها بجامعة حائل، إلى أن تقاعد، وكان ولايزال يشغل منصب مستشار غير متفرغ لكثير من القطاعات المهمة الحكومية والخاصة في البلد، ونشط في الأعمال التطوعية لكثير من الجمعيات الخيرية، وجميعنا يذكر البرامج التلفزيونية والإذاعية، التي كان يقدمها، وجميعها كانت تنصب في معالجة «القضايا الاجتماعية» المتعلقة بالفرد والأسرة، إلى جانب أنه كان كاتباً بإحدى الصحف المحلية، ولديه اهتمام دائم بما يتعلق بالنشء والشباب ومستقبلهم، والتركيز على التربية والأخلاقيات، وكيفية المحافظة على القيم والهوية، وهو اهتمام وحرص وهّم، ينطلق من خوفه وحرصه على شباب بلده، ولهذا كانت معظم مشاركاته، سواء البحثية أو البرامج التلفزيونية والإذاعية، أو المحاضرات تنطلق في سبيل توجيه الشباب، وتبصيرهم وتنويرهم دينياً وثقافياً وتربوياً، بأسلوب شائق ومقبول، لمعرفته بكثرة المخاطر التي تحف بهم اليوم، في ظل المتغيرات والتحولات المتسارعة، وفي ظل امتلاء الفضاء بمئات الفضائيات التلفزيونية، وحضور وسائل التواصل الاجتماعي السريع، التي تخطت الحدود وألغت السدود، والتي لم تعد تنفع معها وضع الحواجز، أو سياسة المنع، ولهذا حينما جاءت مشاركته في أحد البرامج التلفزيونية بفضائية تلفزيونية ما، تحدث بصراحة بعيداً عن المجاملة، بأن الفضائيات التي تستضيف بمن يقال عنهم «مشاهير التواصل الاجتماعي» وبينهم نسبة كبيرة إذا ما – استثنينا من يقدم مادة تحفل بالفائدة – كان معظم مايقدمونه لا يعدو أكثر من تهريج وسخافات ومقالب وإشهار لتقاليع ومفردات وحركات، إلى درجة أن بعضهم أساء وهو يعلم، أو لا يعلم إلى دينه وبلاده، من خلال استغلاله السيىء لوسائل التواصل الاجتماعي، وتجاوزه حدود الأدب واللياقة، فأشار إلى أن الاحتفاء بهذه الفئة ولو كانت قليلة وإشراكهم في البرامج، أو إتاحة الفرصة لهم ليقدموا برامج«أمر يشجع على صناعة التوافه في المجتمع وهي نظرة يؤيدها كثيرون في أن تلميع هؤلاء قد يشجع على انتهاك منظومة القيم والأخلاقيات، لأنهم يجدون من يتقبل مايقدمونه، وماتصنعه الفضائيات كذلك يقوم به بعض التجار الذين يستدعون مشاهير التواصل لافتتاح محالهم ومتاجرهم، وهم لم يقدموا للبلد مايمكن أن يقال عنه أنه مفيد وجيد، مما يشجع هؤلاء على تقديم الغث وقد يجرؤ بعضهم على انتهاك الثوابت، كالذي ارتدى لباس الإحرام في منطقة بعيدة عن الأماكن المقدسة من باب الإضحاك، بما اعده كثيرون تطاولاً على شعيرة دينية بالاستهزاء، وهناك من صنع مواقف ومقالب في والديه بما لايمكن قبولها، قد تفتح باباً خطيراً على التربية للناشئة، التي سيكون هم بعض الشباب من الجنسين نيل الشهرة ولو كان على حساب انتهاك منظومة الأخلاقيات، حتى أن ذلك دعا كثيرين إلى صنع هشتاق «لاتصنعوا من الحمقى مشاهير» للتحذير من ذلك السير في الاتجاه الخطأ في توظيف وسائل التواصل المتنوعة التوظيف السلبي.