يقول أبو الريش دخلت مبنى العيادات مردداً: يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم، اللهم فرِّج هم المهمومين، واقضِ الدين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، وأعد البدلات إلى جميع الأطباء والصحيين. لأسمع صوت الزملاء مرددين: اللهم آمين. وصلت إلى العيادة لأجد قائمة طويلة من المرضى، أحتاج لعلاجهم عشرات الساعات، فسلَّمت أمري لله، وقررت البدء. وصلتني رسالة مفادها: «انتبه تشكيل لجان سرية لمراقبة المستشفيات الحكومية». لكنني تذكرت أن «واثق الخطوة يمشي ملكاً». دخل أول مريض اسماً وصحيح بدناً طالباً بعض الفيتامينات، فقلت له: لكن العيادة تخصصية، ويحتاج إليها عشرات المرضى. فقاطعني: أنا في مستشفى حكومي هل عندك اعتراض؟ فتذكرت الرسالة، وأجبته: «على راسي، وغيرها تدلل». فتمتم في نفسه قائلاً: «ناس ما تجي إلا ب …» وكأنني لم أسمع، فأردف قائلاً: يقولون إن هناك نقصاً في الأدوية. فقلت له شائعات. وماذا عن شح الأسرَّة؟ فأجبته: كذب وافتراء. فقال: رأيت قبل قليل مرضى متكدسين في الطوارئ والعيادات؟ فأجبته: إننا نصور فيلماً عن تحسن الخدمات، وهؤلاء أصروا على أن يشاركوا ويشكروا المستشفى والمدير. فقال وما صحة ما يتردد حول هجرة الأطباء إلى «الخاص»؟ فقلت يساهمون في العمل الخيري، ويحلُّون أزمةً! فسأل: وما أخبار البدلات؟ فأجبته: إن كل غائب سيعود يوماً. فقال: سمعت أن بعضهم متذمر؟ فأجبته: بعضهم هداهم الله، وأبرأ إلى الله منهم. وماذا عن ضرب الأطباء من قِبل المرضى؟ فقلت له: «ضرب الحبيب زي أكل الزبيب». فهز رأسه ضاحكاً، وطلب مني عمل أشعة لمخه، و»صوتية» لبطنه، وتقريراً للعلاج في الخارج، فكَّرت في الرفض لكنني تذكرت الرقيب السري، فقلت: أبشر. حينها دخل رجال الأمن ومعهم بعض الممرضين ليأخذوا المريض الهارب من عيادة الطب النفسي، فلحقت بهم متنكراً وباحثاً عن علاج لمتلازمة الرقيب السري؟