سؤال دائماً ما يدور عند أي حديث يهتم بالشأن التعليمي: هل أبناؤك في مدرسة أهلية أم حكومية؟ وخلف الإجابة تبدأ سرد حقيقة كل حزب يدافع حسب رؤيته ونظرته لمخرجات أبنائه في المقام الأول والبلد في المقام الآخر. وجهة نظري المتواضعة وليسمح لي من يعتقد أني أجحفت بحقه، فالشمس لا تحجب بغربال، بأنه في الآونة الأخيرة الأفضل أن ينتظم «الأبناء» في مدارس أهلية لضعف الأداء في المدارس الحكومية والبيئة المدرسية الحكومية غير الجاذبة التي لا تحقق الحد الأدنى من الاحتياجات التعليمية والنفسية للطالب والهيئة التعليمية، حيث يظل الطالب أغلب يومه يتكبد معاناة ناتجة عن عدد طلاب الفصل الذي يتجاوز 40 طالباً في الأغلب وفي غياب الإخلاص من بعض المعلمين وعدم الانضباطية وفي ظل وجود السلوكات التي نشاهد أحداثها تُتداول يوميّاً في أغلب وسائل التواصل الاجتماعي، بينما لو تحدثنا عن تعليم البنات لوجدنا اختلافاً جوهريّاً في مخرجات العمل المنضبط والإتقان في الأداء والإخلاص التام والسلوكات العالية التي تخرِّج أجيالاً أكثر تميزاً تعليماً وسلوكاً، وهنا الفارق في المردود بالرغم من أن البيئة والصرف المادي واحد ولكن الجودة والإتقان في العمل جعل من بيئة مدرسة البنات تضاهي تلك التي تتوفر في المدارس الأهلية، وذلك بشهادة كثير ممن تحدثوا بأمانة عن الفروقات في التعليم بين البنين والبنات. محور حديثي اليوم يتحدث عن دور التعليم الأهلي الذي يضم حالياً ما يزيد عن مليون ومائتي ألف طالب وطالبة يمثلون 15% من نسبة التعليم العام في المملكة يدرسون في 4300 منشأة تعليمية، ويستهدف الوصول إلى 25% عام 2020م ضمن برنامج التحول الوطني، وسيكون مناطاً به عمل كبير للمساهمة في خفض التكلفة على كاهل الدولة؛ فالملاحظ أن ميزانية الحكومة ينال حصة الأسد والمخرجات ضعيفة، والتعليم الأهلي سيسهم في تطوير التعليم من طريقة تقليدية مستمرة للتلقين والحشو غير المفيد ومحدودية التطوير إلى تعليم متطور ينمي المعرفة والابتكار والإبداع في بيئة تساعد وتسهم في إيجاد مجتمع معرفي تشارك فيه المدارس بمنشآت تقتبس من النماذج الدولية المعروفة التي تراعي الحلول المبتكرة والتكنولوجيا الذكية والمريحة لمن يعمل بداخلها بالإضافة إلى تطوير قدرات منسوبيها إداريّاً وتطوير وتدريب المعلمين على أساليب التعلم النشط التفاعلي ومهارات وأدوات التفكير والإبداع وكيفية نقل الخبرات والمعلومات للطلاب بطريقة عصرية والتواصل الفاعل مع البيت بدمج أولياء الأمور في العملية التعليمية باعتبارهم شريكاً استراتيجيّاً وفتح قنوات تواصل مباشر عبر تطبيقات إلكترونية وأخذ مقترحاتهم في الاعتبار مع تعزيز دورهم في توجيه الأبناء لتحديات المستقبل ومساعدة دور التعليم لإيجاد جيل منتج فاعل خلاق مبدع ومفكر يسهم في النقلة النوعية لمستقبل المملكة بالاعتماد على رجال أكفاء يحترمون أخلاقيات العمل ويتعايشون مع ضغوطات سوق العمل ويأخذون زمام المبادرة في إحلالهم بالذات في بعض المهن المعقدة بدلاً من الاستعانة بالخبرات الأجنبية التي تستنزف ثروات البلد وتطير بها للخارج من غير حول منا ولا قوة، فيما أبناؤنا سيعملون بدافع الوطنية والأمانة والإخلاص متسلحين بقدرات عالية اكتسبوها منذ الصغر حتى وصلوا لمواقع العمل لقطف ثمار ما جنوه. ما يحتاجه التعليم الأهلي لتحقيق غاياته هو إيجاد تشريعات تنظيمية مشجّعة وتخصيص قطاعات التعليم الحكومي بالتدريج، وتصريح معالي وزير التعليم «بخصخصة الوظائف التعليمية عبر شركة الموارد البشرية» مؤشر إيجابي يدعم السير قدماً لتنفيذ خطط التحول الوطني، كذلك فتح المجال للاستثمار عبر كيانات قادرة تدعمها الدولة بالتمكين من تقديم قروض ميسرة سواء عن طريق الصناديق الاستثمارية أو الشركات المقتدرة أو البنوك وتأجير الأراضي والمباني القائمة بسعر تشجيعي يجذب رجال الأعمال للعمل في هذا القطاع الخصب والواعد.