اضطر أحد الأصدقاء للتخلي عن وصاياه السابقة لابنه الطالب في المرحلة المتوسطة، فبعد أن كان يحثه على «استخدام عقله» والتعبير عن رأيه وأفكاره، والإجابة عن «أسئلة الاختبارات» بأسلوبه الخاص، استناداً إلى الفهم لا الحفظ، واهتماماً بمهارات التفكير، وجماليات النقد والتفسير. طلب منه في اجتماعٍ طارئ تغيير الخطة وتبديل الاستراتيجية، بعدما لاحظ تدني «درجاته» في معظم المواد الدراسية، التي طبق الولد في اختباراتها «وصايا أبيه» -صاحب الشهادات العليا في التربية- فلم يجنِ منها سوى «سخط المعلم»، وبؤس الدرجات، وضعف التقديرات..! خطة الأب البديلة، تتلخص في كلماتٍ ثلاث لا رابع لها: «الدرجة ثم الدرجة ثم الدرجة» يا ولدي، وعليك أن تضع عقلك وفكرك في «درج طاولة الاختبار»، حتى تنتهي من الإجابة عن الأسئلة جميعها، وعليك أن تكتب المعلومة «كما طُبعت» بل وكما نطق بها معلم المادة، بلا زيادةٍ ولا نقصان، واحذر ثم احذر أن «تتفلسف» أو «تفكر» فالمجد في مدارسنا «للحفظ الصمّ» وإياك والتفكير والفهم..! كل ما ذُكر أعلاه ليس كلاماً على سبيل الطرفة والمزاح، بل شيء من الحقيقة المُرّة في مدارسنا ومؤسساتنا «التعليمية»، التي أصبحت «للتجهيل» أقرب منها إلى التعليم، لم تتجاوز منذ نشأتها دائرة الحشو والتلقين، لصناعة «الطالب الببغاء» الذي يردد ما حفظه عن «ظهر قلب» بلا وعيٍ ولا فهم، إلى أن يخرج من قاعة الاختبارات..! * لقطة ختام: يُروى أن بعض المدارس الأهلية لديها ما يسمى «الخميس الميت» قياساً على «الأسبوع الميت» الذي تشتهر به مدارسنا الحكومية قبل الاختبارات والإجازات، وعلى ذمة أحد الآباء فإن ابنه الطالب في إحدى المدارس الأهلية لم يداوم «خميساً واحداً» لمدة «عامٍ كامل». فهل تعلم وزارة التعليم عن هذه «البدعة الجديدة» أم أن دوام المدارس الأهلية «ترفٌ»؛ لا يتجاوز أربعة أيامٍ في الأسبوع حسب اللوائح والنظام..؟!