الجودة هذه الكلمة المائعة التي أصبحت تقفز فقاعاتها كلما أراد مدير إدارة أو رئيس قسم التباهي بطموحاته لموظفيه. وحينما تسمعها وأنت تغص بالنواقص و«الواسطة» والخطط الوهمية والأموال المهدرة على صغار الأمور فإنك لا تشعر فقط بكذب من قالها بل بالبيئة المزيفة التي اختارت هذا الشخص ليكون ممثلاً لها وحينها لا يمكنك أن تلومه بل تنظر لمنظومة كاملة بدأت بشروخ وانتهت بمبانٍ آيلة للسقوط لولا بعض الدعامات من الموظفين الأكفاء الذين مع الأسف يحملون على عاتقهم خطايا هؤلاء المديرين أو الرؤساء ليقدموا منتجاً خالياً من العيوب فقط لأن عملهم لا يرضى سوى الكمال. فما أشد الوقاحة التي يتحلى بها مدير حينما يطلب من مرؤسيه استخدام التقنية في حين أنهم يضطرون لإخفاء عيب النقص في وجودها من خلال استخدام هواتفهم النقالة الخاصة. وحينما تنهال الخطابات التي مازالت عند بعض الدوائر هي الأهم من قيمة الإنسان وجهده التي لا تتعدى مجرد تعليمات جوفاء ويبحث الموظف ليجد حقيبة المخزون الخاصة بالورق فارغة فيضطر لشرائها على حسابه الخاص (وهذه ليست مبالغة بل واقعا مؤسفا). وفي حين يجب أن تتوفر لدى الموظف أقل احتياجاته في التدريب فلا ينال حقه فيها حيث يخفيها المدير لضعف الميزانية التي نعلم جميعاً أنه يتم صرفها في استقبال وتوديع فلان وفلان في حين يتكبد الموظف تكلفة تلك الدورة حتى لو في بلد آخر لمجرد الحصول على الفائدة. وغير تلك الأمثلة كثير. ولهؤلاء المديرين أقول ابتلعوا كرامة بحقكم تلك الكلمة (الجودة) وتوقفوا عن إزهاق آمال وطموحات الآخرين حتى يكون لكم الشرف بأن تجعلوها وساماً معلقاً على ألسنتكم حينما تحتاجونها.