يصادف اليوم، الذكرى الثانية لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، حيث يحتفي الوطن والمواطنون والمقيمون بهذه الذكرى بقلوب يملؤها الحب والأمن والاطمئنان والإنجاز والعطاء، في مجالات الحياة وصنوفها، فيَرون عجلة التطور وتحديث أجهزة ومؤسسات الدولة تمضيان سيّان مع مواصلة تنفيذ المشاريع التعليمية والصحية والتنموية في مختلف أنحاء المملكة. وحينما نرى أنحاء المملكة قد تحولت إلى ورشة عمل وبناء، فإننا نشكر الله عز وجل في وقت يمر العالم فيه بأزمات أمنية واقتصادي ومالية وتنموية، ذلك أن الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين تسعى من خلال ورش العمل الكبرى إلى توفير الخير والرفاهية للمواطن الذي يبادلها الحب والولاء في صورة جسدت أسمى معاني التفاف الرعية حول الراعي. ولم يألُ خادم الحرمين الشريفين منذ توليه الحكم، جهدًا في المضي قدمًا بمسيرة الوطن نحو التقدم، فقد تعددت نشاطاته في المجالات المختلفة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي تعددًا سبقه نشاطات في مراحل مختلفة تقلد خلالها عديداً من المناصب. وعلى المستوى الداخلي برزت رعايته لعديد من المناسبات والاحتفالات والإنجازات المتنوعة، ومنها: حفل افتتاح المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز – رحمه الله – الذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، مُدشنًا خلال الحفل مشاريع الجامعة المنجزة التي شملت مباني تعليمية في كل من المدينة الجامعية بالرياض وفروعها ومعاهدها العلمية في مختلف مناطق المملكة، وكذلك المشاريع الخدمية والتقنية المتمثلة في ثلاث مراحل من إسكان أعضاء هيئة التدريس، ومواقف متعددة الأدوار للطلاب ومشاريع البنية الأساسية للاتصالات والأنظمة الإلكترونية بقيمة إجمالية بلغت 3.235 مليار ريال. وعلى المستوى الخارجي وضمن اهتمامات خادم الحرمين الشريفين بالقضايا العربية وصل إلى مدينة شرم الشيخ يوم الثامن من شهر جمادى الآخرة 1436 ه على رأس وفد المملكة للمشاركة في مؤتمر القمة العربية في دورته السادسة والعشرين. وأكد في كلمة ألقاها أمام القمة أن الواقع المؤلم الذي تعيشه عدد من البلدان العربية، من إرهاب وصراعات داخلية وسفك للدماء، هو نتيجة حتمية للتحالف بين الإرهاب والطائفية، الذي تقوده قوى إقليمية أدت تدخلاتها السافرة في المنطقة العربية إلى زعزعة الأمن والاستقرار في بعض الدول العربية. كما تناولت كلمته الشأن اليمني مشيراً إلى أن التدخل الخارجي أدى إلى تمكين الميليشيات الحوثية – وهي فئة محدودة – من الانقلاب على السلطة الشرعية، واحتلال العاصمة صنعاء، وتعطيل استكمال تنفيذ المبادرة الخليجية التي تهدف للحفاظ على أمن اليمن ووحدته واستقراره». وأكد أن الرياض تفتح أبوابها لجميع الأطياف السياسية اليمنية الراغبة في المحافظة على أمن اليمن واستقراره للاجتماع تحت مظلة مجلس التعاون في إطار التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب عليها وبما يكفل عودة الدولة لبسط سلطتها على كافة الأراضي اليمنية وإعادة الأسلحة إلى الدولة وعدم تهديد أمن الدول المجاورة، مؤملاً أن يعود من تمرد على الشرعية لصوت العقل والكف عن الاستقواء بالقوى الخارجية والعبث بأمن الشعب اليمني العزيز والتوقف عن الترويج للطائفية وزرع بذور الإرهاب. كما أكد أن القضية الفلسطينية تظل في مقدمة اهتمامات المملكة، وموقفها يظل كما كان دائمًا، مستندًا إلى ثوابت ومرتكزات تهدف جميعها إلى تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة على أساس استرداد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما في ذلك حقه المشروع في إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وأوضح أن الأزمة السورية مازالت تراوح مكانها ومع استمرارها تستمر معاناة وآلام الشعب السوري المنكوب بنظام يقصف القرى والمدن بالطائرات والغازات السامة والبراميل المتفجرة ويرفض كل مساعي الحل السلمي الإقليمية والدولية، مشددًا – رعاه الله – على أن أي جهد لإنهاء المأساة السورية يجب أن يستند إلى إعلان مؤتمر جنيف الأول، قائلاً: «لا نستطيع تصور مشاركة من تلطخت أياديهم بدماء الشعب السوري في تحديد مستقبل سوريا». كما قام خادم الحرمين بعديد من الزيارات الخارجية الرسمية منها زيارته لمصر في 29 جمادى الآخرة 1437ه، تلبية للدعوة الموجهة إليه من الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث شهد ودشن عديداً من المشاريع وتوقيع 21 اتفاقية ومذكرة تفاهم استثمارية بين البلدين في عدد من المجالات وإعلانين لمشروعين تم تأسيسهما. وفي الرابع من شهر رجب 1437ه وصل خادم الحرمين الشريفين، إلى أنقرة في مستهل زيارة لجمهورية تركيا تلبية للدعوة الموجهة له من الرئيس رجب طيب اردوغان. كما زار قطر في 23 محرم الماضي لتقديم العزاء، في وفاة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني – رحمه الله-. كما قام خادم الحرمين الشريفين بجولة خليجية شملت دول الإماراتوقطروالبحرين والكويت، بدأها بزيارة إلى الإمارات العربية المتحدة. ورأس وفد المملكة في الدورة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت في البحرين. وفي 15 ربيع الأول الماضي رعى خادم الحرمين الشريفين أعمال السنة الأولى من الدورة السابعة لمجلس الشورى وذلك بمقر المجلس في الرياض، ملقيًا الخطاب الملكي السنوي الذي جاء متضمناً الموجهات العامة لسياسة المملكة الداخلية والخارجية، حيث أوضح أن السياسة الداخلية تقوم على ركائز أساسية تتمثل في حفظ الأمن وتحقيق الاستقرار والرخاء في بلادنا، وتنويع مصادر الداخل، ورفع إنتاجية المجتمع لتحقيق التنمية بما يلبي احتياجات الحاضر ويحفظ حق الأجيال المقبلة، وكما تعلمون فإن العالم يمر بتقلبات اقتصادية شديدة عانت منها معظم دول العالم وأدت إلى ضعف بالنمو، وانخفاض في أسعار النفط. أما في مجال السياسة الخارجية فستستمر المملكة بالأخذ بنهج التعاون مع المجتمع الدولي لتحقيق السلام العالمي ، وتعزيز التفاعل مع الشعوب لترسيخ قيم التسامح والتعايش المشترك، ونرى أن خيار الحل السياسي للأزمات الدولية هو الأمثل لتحقيق تطلعات الشعوب نحو السلام ، وبما يفسح المجال لتحقيق التنمية. وفي 23 ربيع الأول الماضي أقر مجلس الوزراء في جلسته الاستثنائية التي عقدها برئاسة خادم الحرمين الشريفين في الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1438 / 1439ه. حيث وجه الملك سلمان بن عبدالعزيز كلمة لإخوانه وأبنائه المواطنين، أعلن فيها الميزانية، والخطوط العريضة التي ستلتزم بها المملكة من أجل تنويع مصادر دخلها بدلاً عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيس، إلى جانب حزم من القرارات الرامية إلى تفعيل برامج وخطط «الرؤية 2030 « و»التحول الوطني 2020». وأكد الملك سلمان في كلمته أن المملكة تمتلك اقتصاداً قوياً وقادراً على مواجهة كافة التحديات الاقتصادية والمالية الحالية وهذا نتيجة بعد توفيق الله للسياسات المالية الحصيفة التي اتخذتها الدولة ، وأن المملكة عاقدة العزم على تعزيز مقومات اقتصادها الوطني، وتعزيز موقعها في الاقتصاد العالمي.