أعلن خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، استمرار عملية «عاصفة الحزم» حتى تحقِّق أهدافها وحتى ينعم الشعب اليمني بالأمن والاستقرار، مؤكداً أن الرياض تفتح أبوابها أمام الحوار بين اليمنيين تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي وعلى أساس الشرعية ورفض الانقلاب. وقال الملك سلمان بن عبدالعزيز، في كلمةٍ ألقاها أمس أمام القادة العرب في اجتماع القمة العربية في شرم الشيخ المصرية، إن الميليشيات الحوثية مدعومة من قوى إقليمية تستهدف بسط هيمنتها على اليمن وجعلها قاعدةً لنفوذها في المنطقة، ووصف العدوان الحوثي ب «تهديد كبير لأمن المنطقة واستقرارها وللسلم والأمن الدولي»، موجِّهاً «الشكر والتقدير للدول المشاركة في عملية عاصفة الحزم، والدول الداعمة والمؤيدة في جميع أنحاء العالم لهذه العملية التي ستسهم بحوله تعالى في دعم السلم والأمن في المنطقة والعالم». وكانت المملكة و9 دول عربية وإسلامية بدأت فجر الخميس الماضي عملية عسكرية في اليمن استجابةً لطلب رئيسه عبد ربه منصور هادي للوقوف إلى جانب اليمن وشعبه وسلطته الشرعية وردع العدوان الحوثي ومواجهة التنظيمات الإرهابية. في الوقت نفسه، دعا خادم الحرمين الشريفين في كلمته من تمرَّد على الشرعية في اليمن إلى العودة لصوت العقل والكف عن الاستقواء بالقوى الخارجية والعبث بأمن الشعب اليمني والتوقف عن الترويج للطائفية وزرع بذور الإرهاب، مؤكداً أنه «في الوقت الذي لم نكن نتمنى اللجوء لهذا القرار، فإننا نؤكد أن الرياض تفتح أبوابها لجميع الأطياف السياسية اليمنية الراغبة في المحافظة على أمن اليمن واستقراره للاجتماع تحت مظلة مجلس التعاون في إطار التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب عليها وبما يكفل عودة الدولة لبسط سلطتها على كافة الأراضي اليمنية وإعادة الأسلحة إلى الدولة وعدم تهديد أمن الدول المجاورة». في سياقٍ آخر، أكد خادم الحرمين الشريفين أنه حان الوقت لصدور قرار من مجلس الأمن بتبني مبادرة السلام العربية و«وضع ثقله في اتجاه القبول بها، وأن يتم تعيين مبعوث دولي رفيع تكون مهمته متابعة تنفيذ القرار الدولي ذي الصلة بالمبادرة». وعن سوريا، قال الملك سلمان بن عبدالعزيز إن أي جهد لإنهاء المأساة السورية يجب أن يستند إلى إعلان مؤتمر جنيف الأول، وأوضح «لا نستطيع تصور مشاركة من تلطخت أياديهم بدماء الشعب السوري في تحديد مستقبل سوريا»، محذراً من أن الأزمة السورية ما زالت تراوح مكانها و«مع استمرارها تستمر معاناة وآلام الشعب السوري المنكوب بنظام يقصف القرى والمدن بالطائرات والغازات السامة والبراميل المتفجرة ويرفض كل مساعي الحل السلمي الإقليمية والدولية». وخلال كلمته، وصف الملك آفة التطرف والإرهاب بأنها تأتي في قائمة التحديات التي تواجهها أمتنا العربية وتستهدف أمن بلداننا واستقرارها. وشدد على أن ذلك «يستدعي منا أقصى درجات الحيطة والحذر والتضامن في اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها واستئصال جذورها»، معتبراً الواقع المؤلم الذي يعيشه عدد من بلداننا العربية من إرهاب وصراعات داخلية وسفك للدماء «نتيجةً حتميةً للتحالف بين الإرهاب والطائفية، الذي تقوده قوى إقليمية أدت تدخلاتها السافرة في منطقتنا العربية إلى زعزعة الأمن والاستقرار في بعض دولنا». وعن السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل، أكد الملك أن «موقف المملكة واضح وثابت بالدعوة إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل». وفي موضوعٍ آخر، رأى خادم الحرمين أنه «لابد لنا من متابعة ما أسفرت عنه الجهود القائمة لإحداث نقلة نوعية في منهج وأسلوب العمل العربي المشترك، بما في ذلك إعادة هيكلة جامعة الدول العربية وتطويرها، وذلك على النحو الذي يمكنها من مواكبة المستجدات والمتغيرات وإزالة المعوقات ومواطن الخلل التي تعترض مسيرة عملنا المشترك». وفيما يلي نص كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز: «أتقدم ببالغ الشكر والتقدير لمصر حكومة وشعباً بقيادة أخي فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي على استضافة القمة العربية ال26، وعلى حسن الاستقبال والضيافة، وكل ما تم تهيئته للتحضير لهذا المؤتمر. وأتوجه بالشكر لأخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت على جهوده المتميزة التي بذلها خلال رئاسة سموه للدورة السابقة. كما أشكر معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية وكافة العاملين فيها على ما يبذلونه من جهود موفقة. قبل أيام شهدت هذه المدينة انعقاد المؤتمر الاقتصادي العالمي، الذي تجسد فيه وقوف المجتمع العربي والدولي إلى جانب مصر الشقيقة واليوم نجتمع للتشاور في سبل الخروج من الأزمات السياسية والأمنية التي يعاني منها عديد من الدول العربية، والتصدي لمختلف التحديات التي تواجهنا. إن الواقع المؤلم الذي يعيشه عدد من بلداننا العربية، من إرهاب وصراعات داخلية وسفك للدماء، هو نتيجة حتمية للتحالف بين الإرهاب والطائفية، الذي تقوده قوى إقليمية أدت تدخلاتها السافرة في منطقتنا العربية إلى زعزعة الأمن والاستقرار في بعض دولنا، ففي اليمن الشقيق أدى التدخل الخارجي إلى تمكين الميليشيات الحوثية – وهي فئة محدودة – من الانقلاب على السلطة الشرعية، واحتلال العاصمة صنعاء، وتعطيل استكمال تنفيذ المبادرة الخليجية التي تهدف للحفاظ على أمن اليمن ووحدته واستقراره، ولقد جاءت تلبية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لدعوة فخامة الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية لعقد مؤتمر الحوار في الرياض تحت مظلة الأمانة العامة لدول المجلس، من أجل الخروج باليمن مما هو فيه إلى بر الأمان، بما يكفل عودة الأمور إلى نصابها في إطار المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية؛ التي تحظى بتأييد عربي ودولي. ولاستمرار الميليشيات الحوثية المدعومة من قوى إقليمية هدفها بسط هيمنتها على اليمن وجعلها قاعدة لنفوذها في المنطقة في تعنتها ورفضها لتحذيرات الشرعية اليمنية ومجلس التعاون ومجلس الأمن ولكافة المبادرات السلمية، والمضي قدماً في عدوانها على الشعب اليمني وسلطته الشرعية وتهديد أمن المنطقة؛ فقد جاءت استجابة الدول الشقيقة والصديقة المشاركة في عاصفة الحزم لطلب فخامة رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي للوقوف إلى جانب اليمن الشقيق وشعبه العزيز وسلطته الشرعية وردع العدوان الحوثي الذي يشكل تهديداً كبيراً لأمن المنطقة واستقرارها وتهديداً للسلم والأمن الدولي ومواجهة التنظيمات الإرهابية. وفي الوقت الذي لم نكن نتمنى اللجوء لهذا القرار، فإننا نؤكد أن الرياض تفتح أبوابها لجميع الأطياف السياسية اليمنية الراغبة في المحافظة على أمن اليمن واستقراره للاجتماع تحت مظلة مجلس التعاون في إطار التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب عليها وبما يكفل عودة الدولة لبسط سلطتها على كافة الأراضي اليمنية وإعادة الأسلحة إلى الدولة وعدم تهديد أمن الدول المجاورة. آملين أن يعود مَن تمرد على الشرعية لصوت العقل، والكف عن الاستقواء بالقوى الخارجية والعبث بأمن الشعب اليمني العزيز، والتوقف عن الترويج للطائفية وزرع بذور الإرهاب. وسوف تستمر عملية عاصفة الحزم حتى تتحقق هذه الأهداف لينعم الشعب اليمني – بإذن الله – بالأمن والاستقرار. وفي هذا السياق، فإننا نوجه الشكر والتقدير للدول المشاركة في عملية عاصفة الحزم، والدول الداعمة والمؤيدة في جميع أنحاء العالم لهذه العملية التي ستسهم بحوله تعالى في دعم السلم والأمن في المنطقة والعالم. إن القضية الفلسطينية في مقدمة اهتماماتنا، ويظل موقف المملكة العربية السعودية كما كان دائماً، مستنداً إلى ثوابت ومرتكزات تهدف جميعها إلى تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة، وعلى أساس استرداد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني؛ بما في ذلك حقه المشروع في إنشاء دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وهو أمر يتفق مع قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية عام 2002م التي رحب بها المجتمع الدولي وتجاهلتها إسرائيل. وترى المملكة العربية السعودية أنه قد حان الوقت لقيام المجتمع الدولي بمسؤولياته، من خلال صدور قرار من مجلس الأمن بتبني مبادرة السلام العربية، ووضع ثقله في اتجاه القبول بها، وأن يتم تعيين مبعوث دولي رفيع تكون مهمته متابعة تنفيذ القرار الدولي ذي الصلة بالمبادرة. إن آفة التطرف والإرهاب في قائمة التحديات التي تواجهها أمتنا العربية، وتستهدف أمن بلداننا واستقرارها، وتستدعي منا أقصى درجات الحيطة والحذر والتضامن في اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها واستئصال جذورها. ما زالت الأزمة السورية تراوح مكانها، ومع استمرارها تستمر معاناة وآلام الشعب السوري المنكوب بنظام يقصف القرى والمدن بالطائرات والغازات السامة والبراميل المتفجرة، ويرفض كل مساعي الحل السلمي الإقليمية والدولية. إن أي جهد لإنهاء المأساة السورية يجب أن يستند إلى إعلان مؤتمر جنيف الأول، ولا نستطيع تصور مشاركة من تلطخت أياديهم بدماء الشعب السوري في تحديد مستقبل سوريا. ومن جانب آخر ما زلنا نتابع بقلق بالغ تطور الأحداث في ليبيا، مع أملنا في أن يتحقق الأمن والاستقرار في هذا البلد العزيز. وفيما يتعلق بالسلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل فإن موقف المملكة واضح وثابت بالدعوة إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل. إن همومنا الاقتصادية والتنموية محل اهتمامنا وعنايتنا وتحتل مكاناً بارزاً في جدول أعمالنا، والمتوقع في هذه القمة مراجعة ما تم تحقيقه في هذا المجال، وإزالة عوائق تنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية، والاتحاد الجمركي العربي. ولإعطاء مزيد من الاهتمام بالقضايا الاقتصادية والمتابعة السنوية لما يُتَّخَذ من قرارات في هذا الشأن وتنفيذها؛ نقترح دمج القمتين التنموية والعادية. ومن ناحية أخرى لابد لنا من متابعة ما أسفرت عنه الجهود القائمة لإحداث نقلة نوعية في منهج وأسلوب العمل العربي المشترك، بما في ذلك إعادة هيكلة جامعة الدول العربية وتطويرها، وذلك على النحو الذي يمكنها من مواكبة المستجدات والمتغيرات وإزالة المعوقات ومواطن الخلل التي تعترض مسيرة عملنا المشترك. وفي الختام أدعو المولى القدير أن يبارك أعمالنا ويوفقنا إلى كل ما يحقق الخير والعزة والأمن والاستقرار لأمتنا العربية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».