كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز التي ألقاها بمناسبة افتتاح السنة الأولى من الدورة السابعة لمجلس الشورى السعودي، يوم 14 ديسمبر الجاري، اشتملت على العديد من المؤشرات التي كشفت عن الإطار العام لسياسة المملكة العربية السعودية، داخليًا وخارجيًا. ومن خلال التأكيد على الأصل الذي قامت عليه المملكة العربية السعودية: الكتاب والسنة، كان التفصيل واضحًا في الكثير من الحيثيات التي رسمتها المملكة العربية السعودية لجهة سياساتها الداخلية والخارجية. داخليًا؛ أكد الملك سلمان أهمية التماسك الداخلي وحفظ الأمن ولهذا كان من الضرورة بمكان التأكيد على هذه الحقيقة المهمة. كما جاء في كلمة الملك سلمان حديث واضح حول الأوضاع الاقتصادية والتنمية، لأن الإنسان السعودي هو هدف التنمية. حيث قال في كلمته – حفظه الله – إن: (سياستنا الداخلية تقوم على ركائز أساسية تتمثل في حفظ الأمن وتحقيق الاستقرار والرخاء في بلادنا، وتنويع مصادر الدخل، ورفع إنتاجية المجتمع لتحقيق التنمية بما يلبي احتياجات الحاضر ويحفظ حق الأجيال القادمة، وكما تعلمون فإن العالم يمر بتقلبات اقتصادية شديدة عانت منها معظم دول العالم وأدت إلى ضعف بالنمو، وانخفاض في أسعار النفط). وأشار الملك سلمان في كلمته كذلك إلى التطور الذي ظلت تشهده المملكة العربية السعودية من خلال عمليات التحديث التي ظلت مضطردة البناء في كل مرحلة جديدة دون أن تشهد انتكاسة أو انقطاعًا، وأكد على التزام الدولة بالاستمرار في هذه المسيرة المباركة من عملية التحديث الدائم للعديد من جوانب الحياة فيها. رغم التحديات التي تمر بها المملكة ودول الخليج. أما في مجال السياسات الخارجية للمملكة العربية السعودية، فقد أوضح الملك سلمان بن عبدالعزيز، صورة وطبيعة تلك العلاقات التي تستهدف بالأساس الالتزام بالمواثيق الدولية الرامية إلى حفظ الأمن والسلام في المنطقة والعالم، وكذلك إلى دور المملكة العربية السعودية وأهدافها التي ترتبط بالدفاع عن القضايا العربية، والأمن الإقليمي العربي. أشار الملك في كلمته إلى ضرورة محاربة الإرهاب، وأكد بوضوح أنه لا تساهل مع الإرهابيين حين قال: (لن نسمح لكائن من كان من التنظيمات الإرهابية أو من يقف وراءها أن يستغل أبناء شعبنا لتحقيق أهداف مشبوهة في بلادنا أو في العالمين العربي والإسلامي، ورغم ما تمر به منطقتنا العربية من مآس وقتل وتهجير) ولعل في هذا الربط العضوي في كلمة الملك سلمان بن عبدالعزيز بين الدفاع عن القضايا العربية، ومحاربة الإرهاب ما يدل دلالة واضحة على أن جزءًا من الدفاع عن القضايا العربية ذاتها هو محاربة للإرهاب، ولعل القضية الأولى للعرب (قضية فلسطين) خير دليل على ذلك؛ لأن الكثير من أفعال الإرهاب كانت تجد ضالتها في شعار الدفاع عن القضية الفلسطينية، كما فعلت القاعدة ذلك، وكما فعلت بعض الدول الإقليمية. في ذات الوقت بدا في كلمة الملك سلمان بن عبدالعزيز مؤشر واضح حيال التلازم العضوي بين أمن المنطقة وأمن العالم، لأن الكثير من ملفات هذه المنطقة أصبحت ملفات عالمية كالإرهاب وغيره. وأشارت كلمة الملك أيضًا إلى التحديات التي لا تزال تواجه المنطقة العربية، كما أوضح أن أفضل سبيل إلى مواجهة تلك التحديات؛ أن تكون عبر توحيد الجهود المشتركة بين الدول العربية والإسلامية. إلى جانب ذلك؛ بين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في كلمته التأكيد على الحفاظ على أمن اليمن، لأن أمنه من أمن المملكة، وأبدى استعدادًا واضحًا للقبول بالحلول السياسية لأزمة اليمن، محذرًا في الوقت نفسه من أي تدخل خارجي حين قال في كلمته بوضوح: (لن نقبل بأي تدخل في شؤونه الداخلية، أو ما يؤثر على الشرعية فيه، أو يجعله مقرًا أو ممرًا لأي دول أو جهات تستهدف أمن المملكة والمنطقة). يمكننا القول من خلال الملامح العامة، داخليًا وخارجيًا، لمؤشرات كلمة الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام مجلس الشورى أن ما جاء فيه يمثل مسارًا واضحًا لسياسات المملكة العربية السعودية، بكلام واضح، لا لبس فيه حيال الكثير من القضايا والتحديات التي تواجه المملكة العربية السعودية على كل الصُعد. إن حرص المملكة العربية السعودية على بناء سياسات متوازنة داخليًا وخارجيًا، جزء من دورها الوطني والإقليمي في المنطقة، لاسيما وأن المنطقة العربية تشهد الكثير من التحديات في ظل غياب مراكز عربية مهمة.