كثيرون لا يعرفون عن أكبر وأهم جهاز أمني في الدولة، جهاز «مديرية حرس الحدود» وهو يكمل المنظومة الأمنية المتطورة لهذه البلاد المباركة، هذا الجهاز الذي أُكن له كل تقدير واحترام.. فقد ارتبطتُ بحرس الحدود عبر التعاون المشترك بين جامعتي العريقة «جامعة أم القرى» وبين هذا الجهاز الأمني في كافة المجالات والتخصصات، فكان من نتاج هذا التعاون أن أفرز هذا الارتباط الوثيق كالتدريب العلمي والمهاري والزيارات وغيرها. هذا الجهاز الذي تعددت مهامه وتنوعت أعماله سواءً في السهول الحارة أو فوق الجبال الوعرة أو على مراكب فوق البحار العميقة والأمواج الهائجة أو في الصحارى المقفرة، ليلاً ونهاراً صيفاً وشتاءً، يصدُّ كيد المعتدين وتهريب المهربين والمتسللين من وإلى هذه البلاد الكريمة. يبدأ عملهم بالحماية والوقاية والتنظيم إلى الإنقاذ والتدخل والصد والدفاع والتحقيق والمتابعة ورسم الحدود الدولية والعلاقات الدولية وإسكان النازحين وغيرها كثير وكثير، وسواءً في العمل المدني أو العمل العسكري أو الحربي في البر والبحر والجو. كم يلاقون من وهج الشمس وزمهرير الصحراء وأمواج البحار العاتية والرمال المتحركة، سهروا بين السباع والهوام، يكابدون التعب في سبيل أمن وراحة المواطنين والحجاج والمعتمرين والزائرين، بل ينظمون العمل المدني في الصيد البري أو البحري أو الدخول للبلاد والخروج منها عبر المنافذ الحدودية. إن عمل حرس الحدود هو الصمام الأول لأمن هذا الوطن – بعد حفظ الله- وعملهم شاق ومتعب ومرهق ومخيف وخطر ومهدد بكثير من المخاطر، لكنهم رجال على قدر كبير جدّاً من المسؤولية والإخلاص والأمانة، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم. ومع هذا فعندهم من الإيمانيات والروحانيات ما يجعلهم يبذلون المزيد لأن عملهم هو خدمة الأمة الإسلامية والاهتمام بأرض الحرمين مهوى القلوب والأفئدة فضلاً عن خدمتهم وطنهم الذي يحتاج منهم كثيراً. وجدنا رجالاً يعملون في الميدان كما أن أعداءهم يعملون في الميدان، لكن رجالنا يتميزون ب «وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ»، و«إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ». أقولها ليست من زيارة ولا زيارتين بل من عدة زيارات متواصلة ماضية ولاحقة بإذن الله لتقديم التعاون المستمر مع هذا الجهاز. المهم، هم لا يحتاجون منا الدعم المادي فقد تكفلت الدولة مشكورة بسد كافة احتياجاتهم المادية والعسكرية، هم بحاجة فقط للدعم المعنوي لهم ولأسرهم؛ فقد لا يعرف حجم عملهم إلا من مارس ووقف على مصاعبه ومشاقه، هؤلاء البواسل الذين نذروا أرواحهم وأوقاتهم في سبيل المحافظة على أمننا وسلامتنا وراحتنا، انقطعوا عن أهليهم ومجتمعاتهم بالأيام والليالي بل بالأسابيع، وقفوا لينالوا شرف المرابطة في سبيل الله.. ويداً بيد لبناء البلد وأمن هذا البلد. ولا نشك أن البناء فقط لا يكفي.. بل لابد من الحماية والحصانة وهذا أمر معلوم لكل عاقل، لهم مني ومن كل مواطن في هذا البلد ومسؤول كل تحية وإكبار وإجلال لكل فرد أو قائد منهم، ونرفع أكف الضراعة للمولى العلي القدير أن يحفظهم وأن يبارك في جهودهم. وتحية أخرى أسطِّرها لكل من عاونهم وساعدهم وحفظ أهليهم في غيبتهم.