أفاد وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، المهندس خالد الفالح، بأن تعديل أسعار الطاقة سيتم بتدرُّج، موضحاً أن الدولة ستودع أموالاً للمواطنين عبر برنامج «حساب المواطن» لاستيعاب رفع الدعم. وتوقع الوزير إسهام ميزانية 2017 والقرارات المكمّلة لها في تحقيق «رؤية المملكة 2030» وأهداف الارتقاء بالاقتصاد وتنويع مصادر الدخل. وأكد، خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده وزير المالية أمس في الرياض، أن قطاع الصناعة والطاقة متفائل للغاية بالميزانية. وقال «نحتفي بهذه الميزانية ليس فقط لما فيها من كفاءة عالية من الصرف وتحصيل الإيرادات، لكن أيضاً لتوجيه لهذه الإيرادات إلى القطاعات الإنتاجية»، مبيِّناً «سيحظى قطاع الصناعة والثروة المعدنية بنصيب عالٍ جداً من المصروفات يمكِّن المملكة من اتخاذ خطوات جبارة». ولاحظ وزير الطاقة خروج أسواق النفط على مستوى العالم من فترة انكماش وانخفاض في الأسعار والاستثمار. وذكر أن هذا الانكماش، خلال العامين الماضيين، أوجد تحدياً كبيراً على اقتصادات العالم، بما في ذلك الدول المتقدمة التي عانت للمرة الأولى من آثار الانخفاض الحاد في الأسعار، وكذلك الدول المنتجة للنفط ومنها المملكة. واستدرك بالقول إن الكفاءة المالية في المملكة مكَّنتها من تجاوز هذه الفترة باقتصادٍ قوي ومتين. وقال «ها نحن ندخل عام 2017 باقتصاد قوي ومعدل اقتراضٍ متدنٍّ»، مشدِّداً «أنا متفائل جداً بأن العام القادم سيكون عام تعافٍ للاقتصاد العالمي وأسواق البترول والأسعار، وبالتالي سينعكس هذا على الأداء الفعلي لميزانية 2017». ولفت الفالح إلى تدشين خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، صناعات جديدة خلال زيارته الأخيرة للمنطقة الشرقية، كالصناعات البحرية والتحويلية ومشاريع الطاقة المتجددة وصناعات أخرى كثيرة «ستدخل حيز التنفيذ من خلال استراتيجية الصناعة التى ستتم خلال العام الميلادي المقبل»، وكذلك قطاع التعدين «الذي سيقفز إلى الأمام من خلال استراتيجية طموحة». وتحدَّث الفالح خلال المؤتمر الصحفي عن ترشيد استهلاك الطاقة. وقال «يجب أن ننظر إليه.. والمملكة كما يعلم الجميع توفر الطاقة لمواطنيها والقطاعات الاقتصادية فيها بموثوقية عالية جداً وبوفرة عالية ليس لها منافس». وأبان أن ذلك يؤدي إلى الهدر في معدل الدعم أو القيمة المتاحة للحكومة من الإيرادات. ووفق تقديره؛ يصل هذا الهدر إلى من 200 إلى 300 مليار ريال بالأسعار العالمية الحالية. ودعا وزير الطاقة حضور المؤتمر إلى تخيُّل ما يمكن تحقيقه إذا صُرِفَت هذه المبالغ الطائلة سنة بعد سنة في البنية التحتية للدولة. وأكد الفالح «إننا الآن ننتقل إلى مرحلة مهمة جداً، المرحلة الثانية التي ستأخذنا من عام 2017 إلى 2020».وأوضح «سيتم خلال هذه المرحلة تعديل أسعار الطاقة بشكل متدرج وبربط هذه الأسعار بالأسعار المرجعية التي ستعلَن لكل نوع من أنواع الطاقة، لكنها مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالأسعار العالمية» وستكون مواكبة لها. وأكمل الوزير «من ناحية المواطن والاستهلاك المنزلي؛ سيكون (حساب المواطن) هو الأداة الرئيسة». وقال «سيتم إيداع المبالغ في هذه الحسابات لمساعدة المواطن قبل أن تدخل الأسعار الجديدة حيز التنفيذ، بحيث يستطيع أن يتسلم هذا الدعم كنقد ويتصرف فيه كما يريد». وبحسب الوزير؛ يقارب الاستهلاك المحلي للمملكة من الطاقة 5 ملايين برميل مكافئ حالياً، وهو استهلاكٌ يعادل اقتصادات بحجم الاقتصاد السعودي ب4 أو 5 مرات. وأفاد الفالح «إنتاجية الطاقة في المملكة منخفضة جداً». وعزا ذلك إلى «تدني تقنياتٍ واستثماراتٍ وكفاءةٍ». ولاحظ أن «المستثمر سواء كان سعودياً أو أجنبياً لا يرى أهمية استخدام أفضل التقنيات»، مبيِّناً «نريد أن نوازن بين توفير الطاقة بتكلفة منافسة وتحفيز المستثمر.. لاستخدام أفضل التقنيات والكفاءات. والتدرج سيسمح لنا بذلك». وأشار الفالح إلى اقتصاداتٍ مثل الياباني والألماني لا تمتلك قدرة على التنافس في الطاقة. واستدرك «لكن باستخدام التقنية وكفاءة الاستهلاك الذكي؛ تستطيع هذه الاقتصادات أن تكون الأقوى في مجال الصناعات والصناعات ذات القيمة المضافة الأعلى». وأكمل «نحن سنعمل مع القطاع الخاص على التدرج للانتقال من اقتصاد معتمد على كثافة الطاقة وانخفاض سعرها إلى اقتصاد لا تكون الطاقة فيه الأعلى»، مشدداً «لن تكون المملكة معدومة الميزة النسبية في الطاقة، وأنا أؤكد على ذلك». وشرح قائلاً «عندما أقول إننا سنكون مرتبطين بأسعار مرجعية؛ فهذا يعني أننا سندرس هذه الأسعار المرجعية وسنطرحها مع القطاع الخاص بتأنٍّ، وستكون هناك دراسات ومشاورات مع القطاع الخاص، لأنه في نهاية الأمر المحرك الأساس للاقتصاد وشريكنا في كل المراحل». وعاود الفالح الإشارة إلى «حساب المواطن». وقال «سيتم دعمه من خلال حساب المواطن.. سيتسلم مبلغاً نقدياً شهرياً لمساعدته على استيعاب رفع الدعم من المستويات الحالية إلى مستويات أخرى. وأنا أؤكد أن الغالبية العظمى من المواطنين ستستطيع أن توفِّر من خلال هذا الملبغ، والتفاصيل سيُعلَن عنها في القريب». وتابع «سيستطيع المواطن تخفيض استهلاكه دون أن يفقد أيٍ من الرفاهية وسُبُل العيش المريح. وفي نفس الوقت سيستفيد من هذه المبالغ، التي ستحوِّلها له الدولة، بصرفها على مجالاتٍ أكثر نفعاً له». ولدى سؤاله عن بدائل للطاقة التقليدية وأساليب الترشيد؛ أجاب وزير الطاقة بالقول «لدينا برنامج طموح جداً لإدخال الطاقة المتجددة، لدينا ما يقارب 10 جيجا وات ستدخل خلال السنوات ال5 المقبلة، وسترتفع نسبتها إلى مستويات عالية جداً من مجمل استهلاك الطاقة في المملكة». وأوضح «هناك اليوم عدة مشاريع تجريبية لإدخال الطاقة الشمسية. نحن نتحدث اليوم عن (أول مشروع) لطاقة الرياح في مدينة طريف، والعمل جارٍ على ذلك، وهناك استراتيجية ستُطرَح خلال الأسابيع القليلة المقبلة توضح كيفية مشاركة القطاع الخاص وكيفية توطين هذه الصناعات». وأرجع الفالح تأخر طرح برنامج المملكة للطاقة المتجددة إلى الرغبة في توطين هذه الصناعات «ليس فقط في إدخال الطاقة والكهرباء في المنظومة، ولكن إنشاء صناعات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقات المتجددة الأخرى بما في ذلك البحث العلمي والتصنيع».