توصلت دراسة أشرف عليها د. فوريو كولفيتشي من مستشفى San Filippo Neri في روما، إلى أن الأشخاص الذين يعاودون التدخين مرة أخرى بعد علاجهم من قصور تاجي حاد، يكونون أكثر عرضة للوفاة بالمرض خلال عام ثلاث مرات أكثر ممن لا يعاودون التدخين بعد هذه الأزمة الصحية. وقام الباحثون بتتبع ألف و294 مدخناً توقفوا عن التدخين بينما كانوا في المستشفى وأعلنوا نيتهم ترك هذه العادة غير الصحية بعد ذلك، وقد تلقى المرضى جلسات استشارية للامتناع عن التدخين أثناء وجودهم في المستشفى، ولم يحظوا بأي بدائل للنيكوتين أو أي مساعدة للإقلاع عن التدخين بعد مغادرتهم المستشفى، ووجدوا أن 63% عاودوا التدخين بنهاية العام الأول، بينما عاود نصفهم التدخين خلال عشرين يوماً من مغادرة المستشفى، وفي خلال عام توفي 97% من هؤلاء المرضى، معظمهم بسبب مشكلات في الأوعية الدموية. وأرجعت ريما سعيد (23 عاماً) عودتها للتدخين إلى عملها في بيئة تعج بالمدخنين وصحبتها اللصيقة بمدخنة شرهة، وعاد رضي عبدالله (56 عاماً) للتدخين بعد 15 عاماً من إقلاعه عنه، بسبب تقاعده عن العمل، وخسارته بعد انهيار الأسهم، موضحاً أنه كان يعتقد أن سيجارة واحدة لا تضر، فهو قادر على الإقلاع في أي وقت، ولكن تضاعفت أعداد السجائر التي يدخنها، أما محمد علي فأقلع عن السجائر بعد زواجه لانزعاج زوجته من رائحتها، واستبدل بها المعسل لاعتقاده أنه أقل ضرراً. ويذكر مدير جمعية نقاء لمكافحة التدخين، صالح العباد، أن 80% يعاودون التدخين بسبب الصحبة، ونصح المقلع بالبحث عن صحبة غير مدخنة حتى يستمر في إقلاعه، خصوصاً في البداية، وبيّن أن 20% من المقلعين يعودون للتدخين. ويضيف العباد أن المدخن يحتاج من ثلاثة شهور إلى سنة ليستعيد عافيته، وتتفاوت المدة بين المدخنين حسب المدة التي قضاها في التدخين، والأضرار التي حصلت للجسم، كما أن التخلص النهائي من آثار التدخين بعد حوالى خمس سنوات من التوقف، أما الإصابات الخطيرة فيبقى أثرها مستمراً حتى عندما يقلع عن التدخين، ولكن بقاء المدخن على حالة التدخين يعجل من تفاقم الأمراض واعتلال الصحة بوتيرة عالية. ويحذر العباد من أن ضحايا التدخين سنوياً في المملكة 21 ألف شخص، ومرشح ليبلغ ثلاثين ألف شخص بنهاية 2020، وتبلغ الأموال التي تصرفها وزارة الصحة السعودية لعلاج أمراض مرتبطة بالتدخين مليار ريال سنوياً، في حين يقلع 3% عن التدخين بسبب التوعية، وذكر عدم وجود إحصاءات لعدد المدخنات، داعياً سيدات الأعمال لدعم برامج توعية النساء، عن طريق إنشاء إدارة نسائية متخصصة بتوعية الفتيات وعلاج الراغبات في الإقلاع، وقال «توجد لدى الجمعية عيادة علاجية منزلية تستطيع الأسرة الاستفادة منها إن رغبت في ترك التدخين». ولاحظ الاختصاصي النفسي ومدير عيادة التدخين في مستشفى الأمل للصحة النفسية، الدكتور محمد المقهوي، زيادة الوعي بين الناس بأضرار التدخين، وكثرة المراكز المساعدة على الإقلاع، الذي انعكس على زيادة نسبة المقلعين، غير أن هذا لا يمنع انتكاستهم، وأن النسب في المملكة غير محددة، ولكن توجد دراسات عالمية، منها دراسة قامت بها جامعة بوستن توضح أن نسبة الانتكاس في السنة الأولى قد تصل إلى 60-90%، وتقل هذه النسبة مع الوقت لتصل إلى 15% في السنة الثانية، ومن 2-4% بعد ست سنوات إلى أقل من 1% بعد عشر سنوات، حاصراً الأسباب في معاشرة أصدقاء مدخنين؛ ما يشعرهم بالرغبة في العودة للتدخين مرة أخرى، إضافة للضغوط والمشكلات وعدم المهارة في التعامل معها؛ فيلجأ للتدخين كوسيلة للهرب منها.