يكاد الغالبية من سكان عالمنا العربي وبالتحديد في منطقة الخليج العربي، ومنطقتنا بالتحديد تؤمن بشيء اسمه الخرافات، والمؤامرات وأننا منبوذون ومستقصدون من العالم ومحسودون من جميع الدول والأفراد ممن يقطنون على هذه الأرض..!؟ والسؤال الكبير المُلح الذي لا يُفارق رؤوس العُقلاء من بني جيلي: كيف تكون المؤامرات؟ وكيف نكون مستهدفين ونحن لا نملك المقومات التي تجعلنا هدفا لهذه المؤامرات ولا يوجد لدينا صناعات وأفكار يخاف منها العالم الآخر، ولا حتى عقول تدرك معنى الابتكار أو عقول خلّاقة تبتكر من العلم والمعرفة لتجعل العالم يخاف من تقدمنا وازدهارنا ويخاف من عقولنا لتصنع غداً قنابل نووية أو أسلحة فتاكة تُهدد استقرارهم، وتسلب من سيطرتهم جزءاً كبيراً، وتهدد أمنهم القومي، وتجعل من هيمنتهم على العالم ناقصة بوجودنا، وبالتالي تنتقص كعكتهم من الحصص المليئة بالكنوز والهبات والمليارات..! لا يوجد لدينا عقول يخاف منها العالم، فنحن ومع الأسف افتقدنا إلى صناعة العقول واستثمار العقول وجعلنا من عقليات شبابنا وبناتنا تتجه إلى التصديق بالمؤامرات والخُرافات وغيرها ممّن لا تنفع علماً ولا مُستقبلاً ولا تبني جيلاً صاعداً مُشاركاً في التنمية والبناء، بل تجعل من هذه العقول مُتحجرة جامدة تتلقى دون تفكير أو تمحيص وبلورة وفلترة فتمضي في التصديق والإرسال والإقناع للآخرين والتصديق لهذه المنقولات والأفكار والخرافات، عقول لا تُدرك معنى التمحيص وعدم النقل وأن لا تكون إمعة وجودها فقط التمرير دون اعتبارات أُخرى لأي نشاط يجعل منها عقلاً مُفكراً، مُستنتجاً لما هي عليه المعلومات وكيف وصلت وإلى أين هي ذاهبة، عقول تأخذ المعلومات بحذر، وتتوقف عند المنطق والمعقول، وترمي الخرافات وما لا يصدقه العقل والمنطق إلى مزبلة التاريخ، عقول لا يكون وجودها وعاء تستقبل وترسل وهدفاً لتمرير أهداف وأجندات الآخرين، ومحطات لتقوية شوكاتهم..! حبانا الله بهذه العقليات كما حباهم، ولكن الفرق بيننا وبينهم أنهم شعوب استثمرت العقليات، وصنعت العقول، وجعلت منها مصنعا للإنتاج والإبداع، ونحن مع الأسف جعلنا منها وعاء لتلقي المعلومات ونشرها هُنا وهُناك عبر وسائل هم صنعوها لنا لنمرر من خلالها تلك المعلومات دون تمحيص أو تفكير ولا مراجعة ولا حتى توقف عن ما هي وما نوعها ومن أين أتت وكيف كانت؟ وهل ينطبق عليها قانون المنطق والمعقول؟ وما حبانا الله من علم نجده في القرآن الكريم وتعاليم السماء في قوله سبحانه وتعالى «أفلا تفكرون» و«أفلا تعقلون» و»أفلا تتفكرون»، جاءت في عديد من المواقف والآيات كرسالة من الخالق لخلقه بأن يتفكروا ويتوقفوا عند ما يمُر بهم من آيات ومواقف ومواضيع، ودعوة إلى التفكير العميق والتمحيص لأموركم في الدنيا والآخرة، التمحيص والتفكير لما يأتيكم من معلومات، وما ترونه من أحداث ومرجعها إلى العقل الذي وهبه الله لكم، دعوة إلى التفكير والمنطق، ودعوة إلى تشغيل العقل واستثماره الاستثمار الأمثل بما يخدم الناس ويخدم نفسك أنت قبل كل شيء أيها الإنسان..! بعد فوز ترامب بالأمس القريب دخل العالم العربي كعادته في استقطاب واستنساخ الخرافات والتصديق بها، وأصبح لدينا الهوس في الاستزادة منها، أكثر من شعوب نحن نرمقها وننعتها بالشعوب الخارقة بالتصديق بالخرافات ك.. «الهند وبنجلاديش»، وننعت بعضنا إن كان فيه مس من الغباء ب «الهندي» أو غيره من الأسماء التي رسخت مع الأسف في عقولنا المتحجرة، وما نفع معها معلومات وآراء ومشاهدات علمية، وأن غالبية مصانع العالم تستقطب هؤلاء، وأن هذه الشعوب أرقى من شعوبنا بمراحل، وأن لديهم مصانع، وأن أفرادها يعيشون مراحل من التاريخ سيكتبها لهم بماء من ذهب، ونحن ما زلنا نمارس منطق الأفضل والأحسن والأجدر بقيادة العالم، والسؤال: على ماذا؟؟ ماذا حققنا للتاريخ وأهل الأرض؟ ولماذا نقوي عند أطفالنا والنشء مصطلحات الاستهزاء بالشعوب الأُخرى؟ ولماذا لا نغرس فيهم حب الإبداع والبناء والمُشاركة الفاعلة في التنمية؟.. إنها ثقافة ومع الأسف نفتقدها..! بعد فوز ترامب مرر عالمنا العربي وصحافتنا وإعلامنا «ك.. العادة» عشرات الأفكار والخرافات والتنبؤات، وأصبحت محطاتنا وإذاعاتنا ملاذا لهؤلاء لتمرير الأفكار والخُرافات، كما هي العادة مُنذ عشرات السنين ومُنذ قبل الحادي عشر من سبتمبر.. وستستمر!.