كيف فاز ترامب بدخول البيت الأبيض؟ وأخيراً عكس كل التوقعات، وخارج كل الحسابات وبرغم كل المخاوف التي شعر بها العرب والمسلمون وفئة ليست بالقليلة من الأمريكيين، استيقظ العالم صباح يوم الأربعاء الماضي على ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدةالأمريكية، حيث فاز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية فوزاً كاسحاً على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون التي مؤشرات انتخابات الولاياتالأمريكية طوال الأشهر الماضية كانت في صالحها بفارق مطمئن نوعاً ما، إلا أن فوز ترامب الذي شبَّهه الأمريكيون ب(البلياتشو) ليصبح الرئيس الخامس والأربعين، كان بمنزلة الصدمة للأمريكيين الذين تظاهروا في الشوارع رافعين شعار (ليس رئيسي الآن)، والعالم الذي بدا منقسماً ومذهولاً. كيف فاز ترامب بدخول البيت الأبيض؟ وهو من الرؤساء القليلين الذين وصلوا للبيت الأبيض وقد تجاوزوا سن السبعين من العمر. وصل ترامب لقيادة الولاياتالمتحدة وهو بعيد عن السياسة.. بعيد عن البروتوكولات والدبلوماسية، بفوز كاسح وأصوات مذهلة إلى الحد الذي عبَّرت عنه منافسته هيلاري كلينتون وهي تعترف بهزيمتها، أن الولاياتالمتحدة تشهد انقساماً لم يكن متوقعاً. خاض دونالد ترامب الانتخابات بعقلية رجل الأعمال الذي لديه الخبرة الكافية في تحقيق صفقاته والوصول لمكاسبه بحسابات دقيقة، كما لو كان يطبق ما كتبه في كتابه (الصفقة)، ففي الوقت الذي راهن هو ومنافسته هيلاري على نتائج الفرز الأخيرة في ولاية فلوريدا، وقد تبين في الفرز الأول للأصوات حصول هيلاري كلينتون على نسبة جيدة في ولاية يوهامشير التي تعني كمؤشر جيد للفوز، راهن ترامب على الولايات المهمشة في وسكنسن وأيوا ونورث كارولينا وإيداهو وكارولينا الجنوبية، وحقق فوزه غير المتوقع في ولايات ميتشجن وأريزونا وجورجيا وأوهايو وتكساس وبنسيلفانيا، كما حصل ترامب على أصوات المندوبين في ولايات الجنوب والشرق، والأهم حصوله على أصوات المندوبين ال29 في ولاية فلوريدا المتراهن عليها، وفاز بأعلى نسبة في الأصوات بحصيلة 288 من أصل 538 صوتاً. وكانت نتائج هذه الانتخابات قد أحدثت صدمة في الولاياتالمتحدة التي شهدت مظاهرات منددة بفوز ترامب المفاجئ، وأبدى عدد من المسؤولين في الاتحاد الأوروبي تحفظهم وتخوفهم من النتائج، لكننا إذا سلمنا بالواقع، يجب علينا ألا نعول كثيراً على ما يحدث من تغييرات في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، سواء كان الفائز دونالد ترامب أو هيلاري كلينتون، وأي ظن بأن السياسة الأمريكية الخارجية تتأثر بانتخاب رئيس وخسارة مرشح آخر هو ظن غير صحيح، فضمان وصول أي من الحزبين الرئيسيين في الولاياتالمتحدةالأمريكية سواء الديمقراطي أو الجمهوري، برئيس يمثل أي الحزبين في البيت الأبيض، لا يغير شيئاً في ثوابت السياسة الأمريكية، وبالأخص في تعاملها مع ملف الشرق الأوسط ودعم الولاياتالمتحدة لإسرائيل. وسنرى ما سيحدث في الأسابيع القادمة، في أول تصريح أو خطاب مقتضب، للرئيس المنتخب دونالد ترامب، قال إنه لن ينتظر كغيره من الرؤساء مائة يوم ليحقق إنجاز برنامج سياسته، وإنما سيكون في اليوم الأول لتوليه الرئاسة جاداً وحازماً، في غضون 24 ساعة، سيفاجأ العالم بكثير من المتغيرات والقرارات التي تُلغي بها قرارات سابقة أصدرها الرئيس باراك أوباما، وسيتسلم من جهاز الاستخبارات الأمريكية الملفات السرية التي تسلم عادة لرئيس الولاياتالمتحدة في بداية ولايته، ولْنرَ ما ستحمله الأيام من أحداث ومتغيرات، وما ستكون عليه أمريكا/ ترامب.