كم هو مؤلم أن تضحك وعيناك تصرخ بالدموع، بل يصل بك الحال في أوقات أن تحتضر لتمنح الآخرين ضحكة وابتسامة صافية، فالحياة مليئة بالآلام، مزينة بالأوجاع، وكم هو مؤلم أن لا تجد من يسمعك يشعر بك ويخفف عنك أحمال قد رمتها الدنيا عليك ويضمد جراحك، ولكن الأجمل هنا أن تلجأ إلى الخالق رب السماوات والأرض لتجد الراحة والنفس الهادئة. لقد ضاقت بي الدنيا وحاصرتني، وفي سترة الليل ما رأيت غير الصلاة راحة لي، ولم أجد سوى باب الرحيم أدق عليه لأرمي أحزاني وهمومي، لأجد بعدها أن شيئا من الأمل والنور قد تسلل إلى أعماقي، وخلدت إلى النوم وكأن جبال الألم قد اختفت. وفي اليوم التالي بعد هدوء النفس من خالقها، استقبلت أبنائي السبعة بعد عودتهم من مدرستهم، وأعددت الطعام لهم، وأخذت أداعبهم؛ فهم لا يعلمون شيئاً يدعى «ترفيهاً»، فالحال والمعيشة صعبة، فخفت أن تنعكس المعيشة القاسية على نفسيتهم، وبعدها عاد زوجي الذي ينفطر قلبي عليه حين أراه؛ فالدنيا أعطته كل ما تملكه من قسوة؛ فهو عانى طيلة حياته من غربته بوطنه، وعاش كأنه طريد شريد ترميه الرياح يميناً ويساراً، فهو لا يستطيع العمل ولا يستطيع العلاج ولا يستطيع السفر، وكيف لا؟ وله معاملة في الأحوال المدنية منذ ثلاثين عاماً ولم يجد من يبت فيها وينهي آلام أسرة سعودية الجد والأب، ولكن ما كان علي إلا أن أقوم بواجبي كزوجة فأخذت أخفف عنه، وهو يعلم هذا ولكن ما باليد حيلة. وفي يوم حدثتني صديقة مقربة لي عن جمعية «بنيان» ودورها البارز في المساهمة في التنمية الأسرية، وعلى الفور أخذت عنوان الجمعية وذهبت إليها، والتقيت بمديرة الجمعية السيدة الفاضلة «منيرة العلولا» التي تفاجأت بموقفها معي منذ اللقاء الأول بيننا، فقد مدت لي قلبها قبل يديها، وكأن الله أرسلها في طريقي؛ كي تخفف الألم الذي أعاني منه، وتعجبت حين رأيتها تتحمل ضغوط جمعية بأكملها بكل توازن ودقة في وقت قد يعجز فيه الموظف عن تحمل ضغوط وظيفته ومسؤولياته الفردية، ثم بعد ذلك تقدمت بطلب قرض لشراء «سيارة»، وحينها التقيت بأنثى من حور الجنة، صاحبة إحساس صادق ومشاعر نبيلة، سلاحها العلم والإيمان والخلق الرفيع، فمنذ رأيتها زالت غمامة الألم وحل السرور والبهجة، فحين تتحدث معها تجد ما يشد انتباهك من هدوء وعلاج لكل صرخة مدوية بداخلك، كلماتها بسيطة ولكن لها مفعول السحر على من يتحدث معها، فحقاً صدقت المقولة القائلة «عندما تهديك الحياة شخصاً يجعل السعادة بين عينيك تمسك به جيداً؛ لأن القليل جداً من يعشق أن يراك أسعد منه»، ولكن السعادة والشعور دائما بها لا يكتمل، فهناك من ينغص عليك سعادتك، يكره فرحتك، ولا يرتاح إلا حين تتبدل الفرحة لأحزان، أو بالمعنى العام إنسان يكره أن يراك سعيداً محبوباً من غيرك، إنسان يمتلئ جوفه بالسم الذي يقتله كراهية وحقداً، لا أعلم كيف تجمعت كمية الكراهية والغبار بداخل موظفة أخرى على عكس مديرتها الفاضلة، فكأنها حسدتني على الوقفة الإنسانية التي وقفتها معي مديرتها، فدائما تحاول أن تشعرني بأنها صاحبة فضل مدينة أنا لها به، ومن كثرة ما رأيت منها من سوء معاملة نابعة من نفس مريضة أخذت أتغنى وأنا في منزلي بأغنية من تلحيني، والمضحك في الأمر أن أبنائي أخذوا يرددونها أيضاً، فلطالما سمعت أبنائي يقولون وكأنهم يشتكون إلى «المديرة» موظفتها الشريرة.