في شهر رمضان يلتف أفراد الأسرة على مائدة منوعة من أطايب الأطعمة، تترقب أعينهم على شاشات كبيرة قد سرقت عقولهم كتلك الصغيرة التي سرقت منهم أوقاتهم، إعلانات متتالية تحمل في طياتها كثيراً من عدم المصداقية، تتلألأ الشاشة بعدها بمقدمة موسيقة تثير مشاعر التمرد، وعلى الجانب الآخر في شاشة أخرى مثلها مشاهد متنوعة من معالجة للأفكار المجتمعية ولكن بطريقة مختلفة لا تكاد تكون معالجة بقدر ما فيها من التأرجح مرة أخرى للتمرد على القيم، المجتمع السعودي محافظ على القيم والأخلاق التربوية، لكننا هنا في هذه الدوامة الكبيرة نشاهد عكس ذلك، زوجة تصدع بأعلى صوتها على زوجها في مشهد حواري بعيد عن الأخلاق والتربية، إنها صورة غير لائقة، وتلك الأم في مشهد آخر حوارها مع ابنها مبني على الضجيج والصراخ في مشهد حواري بعيد كل البعد عن القيم، على مرأى ومسمع الفتيان والفتيات والأطفال الصغار الذين باتوا يستقون قيمهم من هذه المشاهد التعيسة، إن مثل هذه المشاهد لا تبني بل تهدم القيم والأخلاق لتنتج بعد سنوات جيلاً لا يعرف معنى الحوار ولا الاستقرار الأسري المبني على الحوارات الهادئة، ما زلت أتذكر تلك البداية لمسلسل -طاش- فلقد كان في بداياته يحمل نوعاً من عرض المأساة ولكن بشكل فكاهي، لا ينكر الجميع أنه أعطى صورة مشابهة إن لم تكن حقيقية عن تلك المعاناة، حتى أصبح المجتمع بعدها ومع تطور الوسائل التقنية تلمس فيه نوعاً من الوعي ولكنه غير مكتمل، لماذا لا نشاهد خلف هذه الشاشات المؤتمن مالكوها على التربية لا على التجارية البحتة، ما يدعو للحوار الهادئ من خلال نفس المشاهد؟ في اعتقادي لو أعيدت كثير من الحلقات بنفس الأفكار ولكن بطريقة حوارية هادئة مملوءة بالاحترام للوالدين وللزوجة وللأبناء لكانت أبلغ في التأثير.