أعلن الجيش العراقي، أمس، سيطرته على وسط مدينة الشرقاط، في حين لم تُرصَد عمليات نزوحٍ واسعة. وسيطر الجيش على وسط المدينة بدعم ضرباتٍ جويةٍ من التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الإرهابي. ويُنظَر إلى الشرقاط باعتبارها خطوة على الطريق في إطار حملة استعادة مدينة الموصل (شمال العراق) من «داعش». وأفاد مصدرٌ من قيادة عمليات صلاح الدين، التي تشرف على العمليات العسكرية في المنطقة، بأن القوات النظامية مدعومةً بالشرطة المحلية ومقاتلي العشائر السنية لا تزال تشتبك مع المتطرفين بعد استعادتها مكتب رئيس بلدية الشرقاط ومبنى البلدية والمستشفى.وتقع المدينة على بعد 100 كيلومتر إلى الجنوب من الموصل على ضفة نهر دجلة، وتحاصرها القوات النظامية والميليشيات الشيعية المتحالفة مع الحكومة والمدعومة من إيران، لكن هذه الميليشيات لم تشارك في العملية حتى الآن. وتقدمت القوات النظامية سريعاً في المدينة منذ أعلن رئيس الوزراء، حيدر العبادي، بدء العملية صباح الثلاثاء. ونظرا لقربها من خطوط الإمداد النظامية الواصلة إلى قاعدة القيارة الجوية في الشمال؛ تكتسب الشرقاط أهمية استراتيجية خصوصاً مع استخدام القيارة كمركز لوجيستي لحملة الموصل. وذكر المصدر في قيادة عمليات صلاح الدين أن مقاتلي «داعش» المتبقين يقاومون في مجموعات من 3 إلى 4 من داخل المنازل، مشيراً إلى مقتل 3 من أفراد الجيش في الساعات الأخيرة. ويُعتقَد أن عشرات آلاف المدنيين موجودون حالياً في الشرقاط الخاضعة لسيطرة التنظيم الإرهابي منذ احتل نحو ثلث الأراضي العراقية في عام 2014. لكن عملية استعادة المدينة لم تشهد حركة نزوح واسعة مثلما حدث في عمليات أخرى في الآونة الأخيرة. وأعلن متحدث باسم المفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين عدم رصد عمليات نزوح الثلاثاء، مبيِّناً أن 32 شخصاً فقط تركوا منازلهم الأربعاء. وتتطلع القوات النظامية إلى تمكن أغلب السكان من الاحتماء في أماكنهم؛ لتجنب التسبب في أزمة إنسانية مع التقدم صوب الموصل التي لا يزال يعيش فيها ما يربو على مليون شخص. وتوقَّع مسؤولون أمريكيون وعراقيون بدء عملية الموصل في أكتوبر، فيما تُثار مخاوف من عدم إجراء التخطيط اللازم لإدارة ثاني أكبر المدن العراقية إذا تم طرد «داعش» منها. ولا تزال الحويجة إلى الشرق من الشرقاط معقلاً متبقياً للتنظيم الإرهابي إلى الجنوب من الموصل. ويحتل التنظيم أيضاً مدينة تلعفر إلى الغرب من الموصل صوب الحدود السورية. في سياقٍ متصل؛ أعلن مسؤول عسكري أمريكي إجراء جيش بلاده فحوصاً للتأكد مما إذا كان قد تم استخدام مادة كيماوية في هجوم صاروخي ل «داعش» وقع على بعد مئات الأمتار من قوات أمريكية دون أن يصيب أحداً. وأبلغ المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، الصحفيين بسقوط الصاروخ الثلاثاء في منطقةٍ غير مأهولةٍ بالسكان قرب قاعدةٍ غرب القيارة حيث يعمل مئاتٌ من أفراد القوات الأمريكية لتجهيز مطارٍ قبل بدء حملة استعادة الموصل. وأوضح المسؤول أن قوات بلاده فحصت شظايا بعد ذلك وأخذت عينةً من مادة مريبة «زيتية سوداء تشبه القطران» ثبُت بعد تحليلها في بادئ الأمر احتواؤها على مادة الخردل. لكن تحليلاً ثانياً أثبت خلاف ذلك، فيما يجرى مزيدٌ من الفحوصات. وكانت شبكة «سي.إن.إن» الإخبارية أول من أورد تقريراً عن الواقعة. وكإجراءٍ احترازي؛ خضع الجنود ل «إجراءاتٍ روتينية لإزالة التلوث» بما في ذلك الاستحمام. لكن لم تظهر عليهم أي أعراض، علماً أنها تظهر عادةً خلال 12 ساعة من التعرض للمادة الكيماوية. ولاحظ المسؤول العسكري الأمريكي «مرت أكثر من 24 ساعة ولم نشهد ظهور أي مؤشر على تقرحات على أي شخص أو أي شيء من هذا القبيل»، مشدداً «لم تحدث أي إصابات على الإطلاق، لم يخرج أحد من جدول العمل المعتاد ولم يؤثر الأمر على المهمة بأي شكل من الأشكال». وبشكلٍ متكرر؛ استخدم الجيش الأمريكي الضربات الجوية لاستهداف مخازن الأسلحة الكيماوية الواقعة تحت سيطرة «داعش»، فيما حذر خبراء من احتمال لجوء التنظيم إلى استخدام مواد كيماوية خلال عملية الموصل. وعلَّق مسؤول أمريكي ثانٍ «لا أعلم بحالة كانت قريبة من القوات الأمريكية بهذا الشكل» في إشارةٍ إلى واقعة الثلاثاء. في حين وصف المسؤول الأول القدرات الفنية للتنظيم الإرهابي بضعيفة فيما يتعلق بشن هجوم بسلاح كيماوي، مقلِّلاً فيما يبدو من شأن المخاوف المتعلقة بالتهديد الذي تتعرض له قوات بلاده، البالغ عددها 4400 فردٍ على الأقل، في العراق. واستدرك المسؤول «لدينا قدر معتدل من القلق، قلقنا لم يزد كثيراً بعد رؤية ذلك لأنه حدث في النطاق المتوقع»، مبيِّناً «البرتوكولات الأمنية في القاعدة (القيارة) لم تتغير نتيجة الهجوم».