يبدو المشهد في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين مألوفاً لمعظم أبناء الشعب الفلسطيني، خاصة أولئك الذين يعيشون فيها، حيث لا تختلف تفاصيل الصورة بين مخيم وآخر، فهي جميعاً تشترك في بيوتها المتهالكة الصغيرة المتراصة، وأسقف القرميد والزينكو، والكثافة السكانية الهائلة، وأزقتها التي لا يسمح بعضها إلا بدخول شخص واحد، وأطفالها الحفاة الذين لا يجدون مكاناً للعب، فيما ازدادت معاناة سكانها بعد تقليص وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» خدماتها في ظل العجز الكبير في ميزانيتها. ويصف أبومحمد العف (42 عاماً)، الذي يسكن في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة منذ ولادته، الحياة في المخيم بأنها أشبه بالقبر، تفوح منها رائحة الموت، ويقول ل«الشرق» إن الأوضاع الاقتصادية داخل المخيم سيئة جداً، ويضيف «نعتمد بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية الآتية من الأونروا بواقع كابونة مساعدات غذائية كل ثلاثة أشهر، لكن هذه المساعدات لا تكفي على الإطلاق لتوفير احتياجاتنا من الدقيق وزيت الذرة إلا لشهر واحد». من جهتها، تبين المرأة الخمسينية أم إبراهيم قفة (أم لست بنات، وأرملة) أنها تعاني على مدار حياتها الطويلة في المخيم الكثير من المتاعب، وتصف ل«الشرق» الأوضاع الصحية هنا بالسيئة جداً، في ظل غياب الرعاية الأولية التي كانت «الأونروا» تقدمها بصورة مجانية، وتوضح «لدي ابنة معاقة، ولا أستطيع علاجها، علماً بأن أمامها فرصة للعلاج في الخارج، لكن سوء أحوالنا المادية لا يسمح بذلك». وتتابع، وهي تحلق ببصرها في سقف الغرفة القرميد، «الصرف الصحي تعيس في المخيم، البيوت صغيرة لا تتسع لعدد الأفراد، والشوارع ضيقة جداً، والناس هنا يعانون من صعوبة في التعامل مع بعضهم البعض بسبب العصبية، فهم دائماً عصبيون، ضيق البيوت يجعل الناس تلقي بلاها على غيرها».ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات اللجوء ضغوطاً زائدة في ظل تقليص الأونروا خدماتها، خاصة للأسر المسحوقة، ووقف تقديمها المساعدات النقدية لها وتقليص المساعدات الغذائية.ورغم تقديم دول مجلس التعاون الخليجي 15 مليون دولار مؤخراً ل»الأونروا» كمساعدة للاجئين الفلسطينيين، إلا أن عدنان أبوحسنة، الناطق الرسمي باسم الأونروا، يوضح أن المنحة الخليجية لا علاقة لها بالتقليصات التي قامت بها الوكالة في الفترة الأخيرة.ويؤكد أبوحسنة، في تصريحات ل»الشرق»، أن المنحة الخليجية لن تحل مشكلة اللاجئين، وإنما لها أوجه صرف أخرى، فهي مخصصة لبناء بيوت لمن هُدِّمت بيوتهم في الحرب الأخيرة على غزة، لأنهم يعيشون الآن بدون مأوى.