للقراءة أهمية كبرى في الإسلام، ولها مكانة خاصة عند علماء المسلمين قديماً وحديثاً، ولا يوجد دين من الأديان عرفته البشرية يشجع على القراءة ويقدسها كالدين الإسلامي، ولقد أمر الإسلام أتباعه بالقراءة لأنها مفتاح العلم والمعرفة، والتقدم والازدهار، والرقي والحضارة، وسبب رئيس للنهوض بالأمة الإسلامية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والفكرية والتربوية والتعليمية، قال تعالى ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ*عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾. والقراءة كنز من كنوز الإنسانية، لأنها تحيي النفوس، وتلهم العقول، وتنير القلوب، وتهذِّب السلوك، وتصحح مسار الشعوب، وتغيِّر التاريخ، وتطور إنجازات الأمم، وتشيع في الناس حب الخير والفضيلة، وتنفِّرهم من الانحراف والفساد. ومن إيجابيات شبكات التواصل الاجتماعي التي تعتبر أهم ثورة في عالم الإنترنت أنها جعلت الناس يقرأون أكثر من ذي قبل، حيث أحدثت نقلة نوعية في طريقة القراءة، وأسهمت بشكل كبير في رفع منسوب القراءة لدى الجيل الناشئ، والشباب قد يقرأون في منصات السوشيال ميديا شهرياً ما يعادل كتاباً كاملاً يحتوي على 300 صفحة. مع العلم أن بعض المثقفين ينتقد هذه الكيفية من القراءة لأنها كما يقولون تفتقر إلى الدقة والعمق العلمي، وأنها لا تنتج مثقفاً من الطراز الأول، وإننا نختلف معهم في الرأي لأن المواقع الاجتماعية وسيلة للقراءة وليست هدفاً بحد ذاته، والهدف هو المعلومات والأفكار نقرأها في الكتب أو في شبكات التواصل الاجتماعي، لا فرق ما دام الهدف قد تحقق. هناك من يقرأ من أجل الدراسة، وهناك من يقرأ من أجل التسلية والمتعة، وهناك من يقرأ من أجل التنمية المهنية، وهناك من يقرأ من أجل أن ينمي فكره وثقافته وسعة اطلاعه، وجميع هذه الأهداف مطلوبة لأنها تربط الإنسان بالقراءة وتوثق العلاقة بها، وذلك عبر أساليبها المختلفة كالقراءة السريعة والاستكشافية والتحليلية. هل القراءة جزء أساس من برنامجك اليومي؟ ما هي فوائد القراءة للشباب والشابات؟ لماذا نريد من الشباب والشابات أن يهتموا بالقراءة أكثر؟ حاول أن تجعل القراءة زادك اليومي كالطعام والشراب لكي توسِّع مداركك الثقافية، وتزيد من سعادتك النفسية، وتنمي قدراتك الفكرية، وتطور مواهبك الذاتية، وتقضي على أمراض العصر النفسية والتربوية التي تواجهك في حياتك الأسرية والاجتماعية والعلمية والعملية. بالقراءة يمكن أن نحمي الشباب والشابات من الاستغلال الفكري والعاطفي، ونحصِّنهم من السلوكيات الخاطئة والسيئة كالتعصب والتشدد والكراهية والطائفية والخصومة والشحناء، ومن خلال القراءة نستطيع بناء جيل مثقف وواعٍ وراقٍ يحمل قيم المسؤولية في بناء وتطوير المجتمع، وبالقراءة تنتشر القيم والمبادئ الأخلاقية بين الشباب كالتسامح والمحبة واللين والاحترام وقبول الرأي الآخر. أتمنى أن يأتي علينا زمان قريب لا نحتاج فيه إلى جهد كبير في إقناع الشباب والشابات بأهمية القراءة وفوائدها المتعددة، لوضوح الأمر وبداهته، وأن تكون القراءة مألوفة ويومية وعادية في حياة الجيل الشاب، لأن القراءة أصبحت ضرورة من ضرورات الحياة لا يمكن الاستغناء عنها أبداً.