تعمل قوات حكومة الوفاق الوطني في ليبيا على تحصين المكاسب الميدانية التي حققتها خلال الساعات الماضية في مواجهة تنظيم داعش في سرت عبر تمشيط المناطق التي انتزعتها منه وإعادة التمركز فيها بينما تستعد لشن هجوم جديد. وبعد يوم طويل من المعارك الشرسة التي قتل وأصيب فيها العشرات من المقاتلين الحكوميين، يسود هدوء حذر جبهات القتال في سرت، حيث أصبحت القوات الحكومية تحاصر عناصر التنظيم المتطرف في منطقة سكنية تبلغ مساحتها نحو كيلومترين مربعين. وأمس قال رضا عيسى أحد المتحدثين باسم عملية «البنيان المرصوص» الحكومية الهادفة إلى استعادة سرت من تنظيم داعش «تعمل قواتنا اليوم على تحصين مكاسبها عبر إعادة التمركز في المناطق التي سيطرت عليها أمس (الأحد) وتمشيطها». وأضاف في تصريح «تستعد قواتنا في الوقت ذاته لشن هجوم جديد على المنطقة التي يتحصن فيها داعش، حيث تقوم سرايا الهندسة العسكرية بتأمين إمدادات جديدة لها، بينما تقوم سرايا أخرى بالعمل على جلب إمدادات لوجستية مختلفة تشمل الجانب العلاجي». وشن نحو ألف مقاتل من القوات الحكومية الأحد هجوماً على المعقلين الأخيرين للتنظيم في سرت، الحي رقم 1 في شمال المدينة، والحي رقم 3 في شرقها، نجحوا خلاله في السيطرة على أجزاء كبيرة من الحيين وفي تقليص المساحة التي يوجد فيها عناصر التنظيم المتطرف. وقالت القوات الحكومية إن هذا الهجوم يمثل بداية «المرحلة الأخيرة» من عملية استعادة سرت التي انطلقت في 12 مايو وقتل فيها أكثر من 400 من عناصر القوات الحكومية فيما أصيب نحو 2500 عنصر آخر بجروح. ويسود هدوء حذر جبهات القتال في المدينة منذ انخفاض وتيرة المعارك مع حلول المساء الأحد وتحولها إلى اشتباكات متقطعة، بحسب مصور في المدينة. وأكدت القوات الحكومية أمس في بيان أنها باتت تحاصر عناصر التنظيم المتطرف «في أقل من كيلومترين مربعين»، موضحة أنها أصبحت تسيطر على «أكثر من نصف» الحي رقم 3 وقرابة 70% من الحي رقم 1. وخسرت القوات الحكومية في معارك الأحد 38 من عناصرها بينما أصيب 185 عنصراً آخر بجروح، وفقاً لإحصائيات المستشفى الميداني التابع لهذه القوات في سرت والمستشفى المركزي في مصراتة، مركز هذه القوات. وفي مواجهة العملية العسكرية بمعقليه الأخيرين، قام تنظيم داعش بتنفيذ سلسلة من الهجمات الانتحارية بينها تفجير 12 سيارة مفخخة يقودها انتحاريون، بحسب بيان قوات حكومة الوفاق. ومن بين المعالم التي استعادتها القوات الحكومية الأحد، مسجد قرطبة في الحي رقم 3 الذي أطلق عليه التنظيم اسم أبومصعب الزرقاوي بعيد سيطرته على المدينة المتوسطية في يونيو 2015. والزرقاوي الذي قُتل في غارة أمريكية بالعراق في عام 2006 ينظر إليه على أنه أحد أبرز مؤسسي تنظيم داعش. وذكرت القوات الحكومية في بيانها اليوم أن التنظيم المتطرف أحرق مكتبة المسجد في بداية سيطرته على سرت، وقتل فيه شيخاً، واستخدم ساحته في «عمليات تنكيل وإعدام عدد من أهالي سرت على يد العصابة الظالمة». ونشر المركز الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص» على صفحته في موقع فيسبوك صورة للمسجد وقد طليت أبوابه الثلاثة باللون الأسود وعلقت فوقها لافتة كبيرة سوداء كتب عليها «مسجد الشيخ أبي مصعب الزرقاوي». كما نشر المركز صوراً لأسلحة قال إنه عثر عليها خلال المعارك وبينها قذائف صاروخية، وصوراً لجثث أشخاص مسلحين قال إنها تعود إلى عناصر لتنظيم داعش.