في المحافل الجامعة للرجال لا تخلو أحاديثهم من الزواج بالثانية، وتأليب بعضهم بعضاً، ونَقْل الحديث إلى الزوجات، ونقاش وإثارة مشكلات لا حصر لها، تُبنى على أوهام وأحلام ينتقل في أوديتها النيام. فبعض الأزواج يُذِيق زوجته مرارة التهديد، يموج على مر السنين بالزوجة الثانية، ويظل التهديد مستمرّاً لا يسأمه، يقرع أذنيها بقدر وجبات الطعام، وفي الشروق وإلى الغروب، وفي التنزه، وساعات الاسترخاء، غير آبهٍ بما يصدر منه من استخفاف بمشاعر زوجته، ليس له شغل إلا التسلّي بأحاديث سمجة، ومهاترات مائعة تُحْدِث اختلافاً واختلالاً، متجاهلاً جميلها، وحسن عشرتها. فلُطفاً أخي الزوج، ما الفائدة المرجوَّة من أن تجعل حياة زوجتك تعيسة فلا يطيب لها العيش إلى جوارك؟! لماذا تجعل في قلب زوجتك غِلاًّ عليك؟! لماذا تُوتِّر العلاقة بينكما، التي قد تنتهي بِشَرِّ عواقب تصيبكما بطوفان من المتاعب؟! متى شعرت بالرغبة في الزواج، فأقْدِم على اتخاذ قرارك إن كتبه الله لك، واستَخِر، وفَوِّض أمرك وأمرها إلى الله، وارسم منهجك على بصيرة، فهذا شرع الله لا اعتراض لنا عليه، أما أن تهدم سعادة زوجتك، وتنزع من قلبها الأمان والراحة، وتجعلها تعيش في تفكير يخلق الوجل والقلق تجاه بيتها وأولادها، فتغدو وتروح حياتها بين الأوهام والظنون، والريبة والشتات، فتنقلب المحبةُ كراهيةً رويداً رويداً، فتنهزم نفسيتها، وتحزن بحزن وهميٍّ لا يُقَدِّم ولا يؤخر، وتُبتَلى بأوهام، ربما لا تكون حقيقة يوماً ما، فهل هذا من العقل والحكمة؟! هل هذا من حسن العشرة؟! لقد خلقها الله سبحانه سكناً لك، ورحمة ومودة جُعِلت بينكما، فشَرْعُ الله قد أمرك بالإحسان والتلطف إلى إخوتك وقرابتك وجيرانك، فكيف بالزوجة التي هي عشيرتك وأقرب الناس إليك، وأم أولادك؟! هذه التوافه التي تعصف بكثير من الأسر؛ حيث تنافر ودُّها واضمحلت عواطفها، فكم من حبال تقطعت! وكم من أُسَرٍ تشتَّتَتْ! فلو أن الزوج انصرف إلى تعهد نفسه، وأدى واجباته تجاه ربه وخالقه، واهتم بتربية أولاده وتَعَاهَدَهم، لكان ذلك أربى لشيوع السعادة في بيته، وأزكى له عند ربه.