أعلن رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، استعداده لمواجهة «جيوب المقاومة المتربصة بحزبه»، حسب تعبيره، والدخول معها في مواجهات، إذا استمرت في التشويش على حزبه «العدالة والتنمية» الذي يقود الحكومة الحالية. وفجر بنكيران غضبه في وجه خصومه، حين أكد أنهم «يعرفونه حق المعرفة، وأنه مستعد لمواجهتهم اليوم كما واجهتهم من قبل وبنفس الطريقة»، في إشارة إلى الانتقادات التي وُجِّهت إليه بداعي أنه أسقط مواد الدستور وتخلى للملك عن صلاحياته في التعيينات في المناصب السامية، إضافة إلى الانتقادات الموجهة لفريقه الحكومي، على خلفية انتقاد وزرائه لمهرجانات موسيقية، أو كشفهم على ملفات فساد، أو الإعلان عن عزمهم على ملاحقة المتورطين في ملفات اختلاس أموال عمومية وما إلى ذلك. وأكد بنكيران، متحدثا لشباب حزبه في العاصمة الرباط، أن المعارك التي خاضها مع قياديين في أحزاب تكن العداوة ل «العدالة والتنمية» كسِبها بعدما كتب «الله له ولحزبه النصر المبين»، على حد قوله، مصرا على فضح من أسماهم لصوص المال العام. وعن الجدل الدائر حاليا حول لائحة المستفيدين من رخص النقل التي نشرها وزيره في النقل والتجهيز، أوضح بنكيران أنه هو من أعطى الضوء الأخضر لنشرها في سياق الشفافية التي يتبناها حزبه وعملا بحق المواطن في الوصول إلى المعلومة بعيدا عن التسويف والتهرب. ورفع الكشف عن المستفيدين من رخص النقل من شعبية الحزب الإسلامي الذي تلقى التهاني من خصومه قبل أنصاره، بعدما كانت هذه الشعبية تدنت بسبب تصريحات بنكيران التي وُصِفت بالسلبية خاصة في أحداث تازة، واتهام جماعة «العدل والإحسان» بالعمالة لإيران، وتغليب القبضة الأمنية في الحوار الاجتماعي وفتح النار ضد الصحافة الرقمية. وكشفت لائحة المستفيدين من رخص النقل عن أسماء ثقيلة من ضمنها شخصيات سياسية نافذة،من سياسيين بارزين، ورياضيين، وفنانين، وموظفين سامين ورجال مخابرات أيضا، وهو ما خلف استياء عميقا لدى العديد من المواطنين الذين فجروا غضبهم، في المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، فيما شنت وسائل إعلام حملة على بعض هؤلاء المستفيدين، بداعي أنه يوجد من هم أحق بتلك الأذونات والرخص. وكان وزير النقل المنتمي للعدالة والتنمية، عبد العزيز الرباح، هاجم بدوره من أسماهم بلصوص المال العام، واعتبر أن الدولة «لا تفقد هيبتها عندما يسهر المسؤولون على تحقيق الإصلاح والاستقرار وفتح التواصل مع المواطنين، لكنها تفقد هيبتها مع لصوص المال العام وناهبي خيرات البلاد بلا حساب أو عقاب»، مضيفا أن ما يحفظ للدولة هيبتها هو التحلي بالجد والاجتهاد في العمل، وحماية المال العام والثروة الوطنية من النهب. واعتبر وزير النقل المغربي نشر لائحة المستفيدين من رخص النقل مجرد مبادرة بسيطة جدا، بالمقارنة مع ما ينتظره الشعب المغربي، موضحا أن حزب العدالة والتنمية لا يعتبر نفسه إلا زمنا قصيرا ضمن الزمن الممتد للمغرب الذي سيستمر في رأي رباح إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. على خط آخر، اعتبر خصوم «العدالة والتنمية» مواقف الحزب مجرد حرب طواحين وغوغائية ومحاولة لذر الرماد في العيون، فيما انبرى فريق من المشاركين في الحكومة، إلى توجيه انتقادات لما أقدم عليه وزراء العدالة والتنمية من نشرهم جردا لممتلكاتهم عبر وسائل الإعلام، ونشر لوائح المستفيدين من رخص النقل، وغيرها من المواقف التي عبر عنها وزراء الحزب الإسلامي. وكان وزير الإسكان والتعمير وسياسة المدينة محمد نبيل بنعبد الله، الذي يشغل منصب الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ذي المرجعية الشيوعية، أكد أن محاربة الفساد ومكافحة الرشوة واستئصال مظاهر الريع قضايا لا تعالج ب «خرجات إعلامية منفردة من هنا وهناك»، في إشارة ضمنية إلى إقدام وزير التجهيز والنقل على نشر قائمة المستفيدين من مأذونيات النقل. وطالب وزير الإسكان والتعمير بضرورة الاحتكام إلى معايير ومرجعيات توحد الحكومة، وفي مقدمتها الدستور والخيارات الوطنية الكبرى الرامية إلى إصلاح أوضاع البلاد في العمق، وإقامة مجتمع الحرية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والاستقرار والحداثة، مما يتنافى مع أي شكل من أشكال النزوع نحو المقاربة السطحية، بحكم أن قضايا ومشكلات المغرب أعمق من ذلك.