تسبب حزب العدالة والتنمية في زرع بذور الانشقاقات في صفوف الأحزاب التي تشكل إلى جواره الأغلبية التي ستقود الحكومة المغربية في البلاد. ويبقى حزب الاستقلال الذي احتل المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية الأخيرة أكبر متضرر، بسبب ما شهدته اجتماعات لجنته التنفيذية بالرباط، من نقاشات حادة بين أعضائه لدرجة التهديد بالانسحاب من التحالف، بداعي أن حزب العدالة والتنمية استحوذ على أهم الحقائب الوزارية، وأبرز القطاعات التي دأب الاستقلال على تسييرها خلال الحكومات السابقة. وعلمت “الشرق” أن زعيم حزب الاستقلال رئيس وزراء الحكومة المنتهية صلاحياتها عباس الفاسي أكد أمام أعضاء الاستقلال أنه لم يقترح أي اسم لأية وزارة، وأعلن زعيم العدالة والتنمية أنه سلم قائمة بأسماء الوزراء المقترحين من أحزاب الأغلبية للقصر في انتظار إعلانها رسمياً بعد موافقة العاهل المغربي محمد السادس عليها، وهو ما أكده بنكيران ل “الشرق”. ولم يكتف أعضاء الاستقلال بانتقاد هذا الغموض وتضارب التصريحات، بل تمت المطالبة بمعرفة الحقيقة منها. وأكدت المصادر ذاتها أن سبب غضب الاستقلاليين والتهديد بالانسحاب من الحكومة المرتقبة، والاكتفاء بمساندتها دون المشاركة فيها، يعود إلى ما أسموه ب “ضعف” ممثلهم في المفاوضات، في إشارة إلى زعيمهم الفاسي، بداعي أنه لم يتمكن من الحفاظ على الوزارات التي حقق فيها نسبة كبيرة من النجاح وفي مقدمتها وزارة النقل والتجهيز، إضافة إلى التصريحات التي أطلقها بنكيران بخصوص الشروط الواجب توافرها في الوزراء المقترحين لتسيير الحكومة المقبلة، حيث يرون أنه يريد تنصيب نفسه وصياً على الأحزاب الأخرى التي اصطفت إلى جواره. واعتبر غضب الاستقلاليين رسالة إنذار لحزب العدالة والتنمية وزعيمه عبد الإله بنكيران، وهو ما يشير إلى أن الحكومة المقبلة مهددة بالتصدع في حال ما لم يتم تدارك الموقف. ويرى أعضاء حزب التقدم والاشتراكية ذي المرجعية الشيوعية، الشريك الثاني للعدالة والتنمية، أنهم لم يكونوا أحسن حالا، من الاستقلال، فقرر أعضاء المكتب التنفيذي اللجوء إلى القضاء، للطعن في قرار المشاركة في الحكومة، على خلفية أن أمين الحزب، نبيل بن عبد الله، خرق ميثاق الحزب، وأن قرار المشاركة ليس من صلاحية للجنة المركزية. ويؤكد الغاضبون من قرار زعيمهم أن وثيقة المؤتمر الثامن الأخير حددت صراحة وبشكل واضح، دائرة تحالفات الحزب، التي تنحصر في ثلاث دوائر، هي الكتلة الديموقراطية (الاستقلال والاتحاد الاشتراكي) واليسار، والصف الحداثي الديموقراطي. وتؤكد الوثيقة ذاتها على “التنديد بالخطاب المزدوج لتيار الإسلام السياسي وتنتقد التيارات المحافظة” مشيرين إلى أن الانضمام إلى حكومة حزب العدالة والتنمية، هو ارتماء في أحضان مشروع مجتمعي يتناقض مع مبادئ الحزب. فيما تبقى الحركة الشعبية الطرف الثالث في مكونات حكومة بنكيران، طرفا مقتنعا بالحقائب الوزارية الأربع، وهي الجهة الوحيدة التي لم تصدر عن أعضائها ردود فعل سلبية اتجاه الحكومة المقبلة.