تحاول هيلاري كلينتون استغلال آخر تصريحات خصمها دونالد ترامب حول حيازة الأسلحة؛ لتتقرَّب من الجمهوريين و»الوسطيين» المستاءين من سلوك المليادير قطب العقارات. ورأت الديمقراطية كلينتون، أمس الأول، أن خصمها الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة في ال 8 من نوفمبر «تخطَّى الحدود»، مكرَّرة الرأي الذي تعبِّر عنه يومياً، ومفادُه عدم امتلاكه المؤهلات والصفات المطلوبة ليتولى أعلى منصبٍ في البلاد. «للكلمات أهمية» وخاطبت وزيرة الخارجية السابقة أنصارها، خلال تجمُّعٍٍ عامٍ في ولاية أيوا، قائلةً «للكلمات أهمية يا أصدقائي، عندما يكون الشخص مرشحاً للرئاسة ورئيساً للولايات المتحدة؛ يمكن أن يكون للكلمات تأثير هائل». وقُطِعَ التجمُّع لفترةٍ قصيرة بعدما اندفعت ناشطةٌ تدافع عن حقوق الحيوان إلى المنصة قبل أن يتم توقيفها. «تأسيس داعش» مع ذلك؛ لم يتراجع المرشح الجمهوري عن تصريحاته النارية. وخلال تجمُّعٍ انتخابي في ولاية فلوريدا مساء الأربعاء؛ اتهم المرشحُ الرئيسَ، باراك أوباما، ب «تأسيس» تنظيم «داعش» الإرهابي، ووصفَ منافسته ب «شريكة في التأسيس». واعتبر ترامب أن أوباما المنتمي إلى الحزب الديمقراطي زرَع «الفوضى» في الشرق الأوسط. وقال عنه «إنه مؤسس تنظيم الدولة في العراق وسوريا»، متسائلاً «أليس كذلك؟»، ومكرِّراً «إنه المؤسس! أسس الدولة الإسلامية في العراق وسوريا»، ثم تابع بقوله «وأقول إن الشريكة في التأسيس هي هذه المحتالة هيلاري كلينتون». لكن من كلِّ تصريحاته النارية وغير المفهومة أحياناً؛ يبدو ما صرَّح به الثلاثاء في ويلمنغتون الأكثر إثارةً للجدل، وقد تترتَّبُ عليه عواقبُ كبيرة. ونقلت وسائل الإعلام عنه قوله «باختصار؛ كلينتون تريد إلغاء التعديل الثاني» للدستور الذي يضمن حق حيازة الأسلحة و»إذا كانت لديها إمكانية اختيار قضاتها؛ فلن تكونوا قادرين على فعل أي شئ» و»هناك حلٌّ مع التعديل الثاني ربما، لست أدري»، دون أن يضيف أي تفاصيل. ورأى عددٌ من وسائل الإعلام، وكلينتون كذلك، في هذه التصريحات تحريضاً على العنف. وفي مواجهة سيل الانتقادات؛ لم تتأخر حملة الملياردير عن نشر بيانٍ حول «وسائل الإعلام غير النزيهة»، قائلةً إن المرشح «يريد أن يقول إن مجموعة المدافعين عن حق حيازة السلاح المتماسكة جداً ستمنع انتخاب كلينتون إذا صوَّتت لمصلحته». وكتب جيسون ميلر، كبير مستشاري ترامب للإعلام، أن «هذا يسمى القدرة على التوحيد»، مشيراً إلى «تمتع مؤيدي التعديل الثاني بحيوية كبيرة فضلاً عن اتحادهم، مما يمنحهم سلطة سياسية كبيرة». وكرر ترامب الأربعاء رأيه أمام عمال في مناجم الفحم. وقال في أبينغدون التابعة فيرجينيا «علينا حماية التعديل الثاني، إنه حق مُحاصَر». لكن حلفاء له اعترفوا بأن صيغة تصريحاته كانت سيئة. واعترف العضو في حملته، سام كلوفيس، بأن رجل الأعمال يعاني من مشكلات في الانضباط «فعندما يتحدث ترامب؛ فالأمر لا يتعلق بالمهارة التي يتوقعها الناس». واستدرك كلوفيس «ما زال هناك وقت طويل هذا الصيف (…) وأول مناظرة مع المرشحة المنافسة ما زالت بعيدة». ويأتي هذا الجدل الجديد في وقتٍ حساسٍ لترامب الذي يسجل تراجعاً في استطلاعات الرأي. وتتصدر مرشحة الديمقراطيين النتائج في آخر 19 استطلاعاً لموقع «ريل كلير بوليتيكس». وحصلت المرشحة في المعدل على 48 % من الأصوات مقابل 40 % لمنافسها. ويستغل المعسكر الديمقراطي الوضع السيء لمرشح الجمهوريين منذ أسبوعين، بعد الجدل الذي أثارته تصريحاته حول روسيا ووالدي عسكري أمريكي مسلم قُتِلَ في العراق. ويحاول الديمقراطيون حالياً الحصول على تأييد شخصيات جمهورية. انشقاقات بين الجمهوريين وبدا أن لائحة الجمهوريين الذين تخلوا عن المرشح الرسمي للحزب تطول يوماً بعد يوم. ولا يفصح معظم هؤلاء عن المرشح الذين سيصوِّتون له. لكن بعضهم اختاروا المرشح الليبرتاري، غاري جونسون، أو يقولون إنهم سيسجلون أسماء رمزية على بطاقات التصويت مثل كولن باول (غير المرشح)، فيما انتقل عددٌ إلى معسكر كلينتون. ويأسف الجمهوريون بعدما طغت قضية «التعديل الدستوري الثاني» على نشر رسائل داخلية جديدة تكشف احتمال تضارب في المصالح بين وزارة الخارجية ومؤسسة كلينتون، عندما كانت مرشحة الديمقراطيين وزيرةً للخارجية بين عامي 2009 و2013. من جهة أخرى؛ اعتقلت الشرطة شاباً كان يتسلق برج ترامب في نيويورك بواسطة شفاطات على أمل لقائه. وكان الشاب البالغ من العمر 20 عاماً، والذي لم تُكشَف هويته، يستخدم شفاطات لتسلق البرج الزجاجي الذي يملكه قطب العقارات. لكن تسجيل فيديو، وُضِعَ على موقع «يوتيوب» ويحمل عنوان «رسالة إلى السيد ترامب: لماذا تسلقت برجك»، يُظهِر شاباً حجبَ جزءً من وجهه بقبعة ويدعو إلى التصويت للمرشح الجمهوري. وذكر الشاب، الذي يصف نفسه بباحث مستقل، أن «السبب الذي تسلقت من أجله برجكم هو لفت انتباهكم». فرص صعبة ورغم التراجع الواضع لمرشح الجمهوريين في استطلاعات الرأي؛ فإن التاريخ الحديث للولايات المتحدة يشير إلى إمكانية ارتفاع أسهمه مجدَّداً خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، ولكن بصعوبة خصوصاً أنه لا يمكن التكهن بتصرفاته. واعتاد الرجل إثارة الجدل، ووُجِّهَت إليه منذ فترةٍ ليست بالقصيرة اتهاماتٌ بمعاداة النساء والعنصرية وعدم احترام العسكريين. لكن الجدل هذا الصيف كان مختلفاً لأنه يجري أمام شرائح من الناخبين أوسع من تلك المهتمة بالانتخابات التمهيدية للحزبين الكبيرين. وتُظهِر أرقام متابعي مؤتمرَي الحزبين، اللذين عُقِدا في يوليو الماضي، ارتفاع عدد المتابعين للأحداث السياسية. لذلك؛ يعيش الجمهوريون في حالة هلع. ودعا النجم التلفزيوني والنائب الجمهوري السابق في الكونغرس، جو سكاربورو، الحزبَ إلى التفكير بسرعة في الخيارات المتوفرة لسحب الترشيح من مرشحه الحالي. لكن إذا لم ينسحب المرشح طوعاً؛ قد يضطر قادة جمهوريون إلى القيام بما هو أقرب إلى انقلاب لاستبداله. ومحاولةٌ كهذه قد لا تؤدي إلى تهدئة، بل يمكن أن تنتهي في المحاكم وتؤدي إلى تفاقم «الحرب الأهلية» الجمهورية. غياب «المنقذ» إلى ذلك؛ ليس هناك أي شخصية في الحزب مستعدة للقيام بدور «المنقذ»، خصوصاً أن ميت رومني، الذي ترشح للرئاسة قبل 4 سنوات، يلتزم الصمت منذ الربيع. ورغم شعورهم بالاستياء؛ يبقى قادة الحزب أوفياء لترامب. وعلَّق عضو الهيئة القيادية الجمهورية، مورتون بلاكويل، بقوله «لا يمكنهم الانتقال إلى استخدام القوة والعدول عن قرار مؤتمر التعيين». وكان المؤتمران العامّان للحزبين الكبيرين شهدا تسمية المرشَّحَين الرئاسيين. سوابق نادرة وبالعودة إلى 1988؛ كان هناك مرشحٌ يتصدر نتائج الاستطلاعات بفارق كبير عن خصمه، لكنه تراجع مع انتهاء عطلة الصيف. وتمتَّع المرشح الديمقراطي، مايكل ديوكاكيس، بتأييد 54 % من نوايا التصويت في نهاية يوليو من ذلك العام، مقابل 37 % للمرشح الجمهوري جورج بوش (الأب)، وفق استطلاع أجراه معهد غالوب. لكن بعد مؤتمر الجمهوريين في أغسطس؛ تقدَّم مرشحهم وبقي كذلك حتى الانتخابات. وفي 2008؛ تصدر الجمهوري، جون ماكين، الاستطلاعات لفترة قصيرة في سبتمبر بعد مؤتمر حزبه ومع اختياره سارة بايلين مرشحةً لمنصب نائب الرئيس. لكن الوضع تغيَّر بسرعة، وتصدر باراك أوباما نتائج استطلاعات الرأي من منتصف سبتمبر إلى نوفمبر. ولاحظ أستاذ العلوم السياسية في جامعة تكساس في أوستن، كريستوفر وليزن، أن «المرشحين اللذين تصدرا الاستطلاعات بعد أسبوعين من المؤتمرات فازوا في كل مرة»، مستنداً بذلك إلى أرقام منذ 1952. 3 مناظرات والخطر على ترامب (70 سنة) يأتي من معاقل محافِظة مثل أريزونا وجورجيا، حيث كشفت استطلاعات الرأي تصدُّر كلينتون (68 سنة) النتائج. لذلك؛ ستكون المناظرات الثلاث التي تبدأ في ال 26 من سبتمبر حاسمةً. وأبلَغ المرشح الجمهوري مجلة «تايم» الثلاثاء بقوله «أرغب بشدة في إجراء المناظرات الثلاث». لكنه استدرك «عليَّ أن أرى الشروط»، محتفظاً لنفسه بحق النظر في من يديرون المناظرة. وحددت اللجنة المستقلة، التي تنظِّم المناظرات منذ 1988، موعد ومكان وشكل هذه اللقاءات الثلاثة. فيما انتقدت مصادر قريبة من كلينتون «دسائس» ترامب، معتبرةً أنه يريد التهرب أو لفت الانتباه. وتاريخياً؛ يمكن لهذه البرامج أن تؤثِّر على رأي الناخبين كما حدث في 1960 بين جون كينيدي وريتشارد نيكسون. لكن نادراً ما يكفي الأداء الجيد. وفي 2012؛ أخفق أوباما في أول مناظرة مع رومني. وبعد شهر؛ أعيد انتخاب الرئيس المنتهية ولايته بسهولة كبيرة.