مثل تسونامي عملاق اجتاح شواطئ هواتفنا الذكية، جاءت لعبة ال «بوكيمون» التي شخصياً لم يعلق من نسختها القديمة في ذاكرتي غير بيكاتشيو والدحرجات المميزة قبل أي هجوم أو استعراض لتلك المخلوقات الغريبة التي أمتعت جيلا بأكمله على شاشات التلفزة قبل خمسة عشر عاماً أو أكثر. الكل يتحدث عن المحاذير الأمنية للعبة، وخطرها الجاسوسي على الشعوب والبلدان، وعن الطرق الملتوية التي يتبعها اللاعبون في الدول التي لم تطلق فيها اللعبة بعد حتى يتمكنوا من تحميلها!، أي نعم أتفق في جزء كبير من هذه المحاذير التي على رأسها المخاطر التي قد تصيب اللاعبين أثناء اندماجهم في اللعب، ولكن حتى هذه عالجتها الشركة المطورة للعبة، فهي قد أضافت بالتحديثات الأخيرة تنبيهات تظهر عندما يرتكب أحد اللاعبين حماقة، مثل اللعب أثناء قيادة السيارة أو خلال قطع الطريق أو حتى دخول أماكن محظورة وببساطة يقول لك التنبيه (لا تكن غبياً). في المقابل لا أحد يتحدث عن الإيجابيات، فهي أطلقت طيفا جديدا في الألعاب الرقمية، واستطاعت أن تدمج بين شخصيات الرسوم المتحركة والعالم الحقيقي، من خلال خدمة خرائط قوقل، وأخرجت اللاعبين المهووسين بها من عوالم شاشات هواتفهم وشبكاتهم الاجتماعية التي أدمنوها، ليقابلوا أصحابا حقيقيين جددا ويصطادوا بمعيتهم بعض البوكيمونات، لا بأس الأمر يبشر بخير، بدأ الناس في الرجوع لممارسة ألعاب جماعية وإن كانت بصيغة أكثر حداثة وتناسب شكل هذا العصر، وكذلك لم يتفوه أحد المحذرين من اللعبة بضرورة قطع مسافات تتراوح بين 2-10 كلم حتى تفقس بعض بيوض البوكيمونات (رياضة هذي وإلا مو رياضة يا متعلمين يا بتوع المدارس!!!؟)، ولا أحد أيضاً يتحدث عن الجولات السياحية لصيد البوكيمونات التي بدأت تنتشر (والفال لنا)، ففي أمريكا مثلاً يمكنك الانضمام لرحلة صيد بوكيمونات في متحف الميتروبوليتان العظيم مقابل 39$ فقط ويمكنك أيضاً بعد شهر من الآن أي في مطلع سبتمبر أن تنظم لرحلة حافلات لندن الشهيرة لصيد البوكيمونات. جمان: كل أمر يحيطنا كالعملة تماماً.. له وجهان. لذا تعلموا المحاذير واستمتعوا..