انقلاب أبيض أحدثته لعبة «بوكيمون غو» بين ليلة وضحاها في العالم. فقد أثارت اللعبة، منذ إطلاقها ضجة غير مسبوقة في سوق تطبيقات الهواتف الذكية، بتصدرها بسرعة قوائم التطبيقات الأكثر مبيعاً في الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الأوروبية واليابان وأستراليا، وتصدر هاشتاغ اللعبة موقع «تويتر» عالمياً. فيما لم تستطع مخدمات تحميل اللعبة تلبية الطلب الشديد عليها في الوقت نفسه، إضافة إلى تفوقها على تطبيقات مثل «واتس أب» و«فايسبوك ماسنجر» و«إنستغرام» من حيث معدل الوقت الذي يمضيه المستخدم الأميركي عليها والذي بلغ نحو 43 دقيقة في الجلسة الواحدة. وتجاوزت لعبة «بوكيمون غو» الأرقام القياسية للكثير من الشركات العملاقة من بينها مواقع التواصل الاجتماعي، فقد تم تحميل اللعبة من على متجر غوغل بلاي من قبل 15 مليون مستخدم قبل أن تطلق في جميع دول العالم. وأطلق مغردون هاشتاغ بعنوان #بيكمون_غو الذي حصد أكثر من 14 ألف تغريدة خلال الساعات الأربع والعشرين الأولى. وانتشر الهاشتاغ في دول عربية عدة كالسعودية والإمارات حيث تحدث المغردون عن تجاربهم مع اللعبة وولعهم بها. واستخدم مغردون عرب هاشتاغ بالإنكليزية #PokemonGo للتكلم عن اللعبة حيث حصد أكثر من 5 ملايين تغريدة. وتناقل المغرّدون على تويتر صوراً طريفة شاركها لاعبو «بوكيمون غو» حول العالم، إذ عثر أحدهم على بوكيمون في جنازة، وأصرّ آخر أن يبحث عن البوكيمونات في غرفة العمليّات أثناء إنجاب زوجته طفلهما. وانتشرت على تويتر نصائح للمستخدمين العرب حول ضرورة عدم البحث عن بوكيمونات قرب ورش البناء أو في أماكن خطرة أو أثناء القيادة تجنباً لتعرّضهم لحوادث. في حين شجّع كثيرون على خوض غمار اللعبة، لأنّها تحفّز على الحركة عوضاً عن الجلوس طوال اليوم في المنزل خلال العطلة الصيفيّة. أما السيدات، فلجأ كثير منهن إلى تويتر للتعبير عن غضبهن من «بوكيمون غو» الذي «سرق منهن أزواجهن، الذين أصبحوا مهووسين بتلك اللعبة. ومع أن اللعبة انتشرت في شكل سريع في العالم العربي، إلا أن عدداً من المغردين انتقدوا التطبيق وقالوا إن «بوكيمون غو» تضيّع وقت الناس وتؤثر في العلاقات الاجتماعية حيث يمضي بعض الأفراد ساعات في اللعب. ووصلت حمى اللعبة إلى سورية ليتم تداولها في شكل يعكس المعاناة السورية. فقد تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، عدداً من الصور لأطفال في سورية، يحملون لافتات عليها رمز لعبة «بوكيمون غو»، معلقين «أنا موجود في كفرنبل، بريف إدلب، تعالوا أنقذوني»، أنا من كفرزيتا (ريف حماة)، تعالوا أنقذوني ولاقت الصور انتشاراً واسعاً. ومن الحوادث الطريفة التي أحدثتها اللعبة في لبنان الذي عاش أوضاعاً أمنية صعبة خلال السنوات الماضية، مشاهدة شخص قرب مقر المديرية العامة للأمن العام اللبناني في بيروت وهو يحمل بيده هاتفاً ذكياً ويتجوّل بطريقة غريبة أمام المركز ما أثار ريبة العناصر الأمنية. الشاب العشريني الذي كان يلتقط الهاتف بيده كان يقوم بتوجيهه ناحية المبنى، فما كان من عناصر الأمن إلا أن توجهوا صوبه للاستفسار عن أسباب وجوده. حاول الشاب تبرير ما حدث لكن العناصر اقتادوه إلى داخل المركز من أجل التحقيق معه ومعرفة أسباب وجوده في مكان محظور فيه التصوير. وفي الداخل، انتزع الهاتف من الشاب الذي قال أنه كان «يلاحق بوكيمون»، ما أثار استغراب العناصر وبعد أن جرى تفتيش الهاتف بدقة، تبين خلوه من أي صور لمركز الأمن العام أو لأي مراكز أمنية أخرى، فأعيد إليه. ولاحقاً وبعد أن تبين أن لا خلفيات جنائية أو أمنية للشاب ترك بحال سبيله مع نصيحة له بالبحث عن "البوكيمونات" في مكانٍ آخر. وفيما حذرت المملكة العربية السعودية من اللعبة، فإن دولاً أخرى ومنها الكويت والإمارات ومصر لم تضيع هي الأخرى الفرصة لإصدار بيانات رسمية من الوزارات المعنية ومنها هيئة الاتصالات ووزارة الداخلية من أجل التحذير من استخدام هذه اللعبة. ولعل اختلاف اللعبة، عن سياق الألعاب القديمة، عائد إلى تطويرها من قبل شركة «نيانتك» بالتعاون مع صاحبة الحقوق الحصرية «ننتيندو» و»غوغل» التي قدمت في السابق لعبة واقع افتراضي بسيطة لم تنل شهرة واسعة، هي «إنغرس». وأثارت طريقة اللعب الجديدة في «بوكيمون غو» استياء كثيرين ممن أرادوا نسخة أكثر ديناميكية من الألعاب القديمة القائمة على النزالات الفردية وتطوير البوكيمونات عبر المعارك. وتتمتع اللعبة بميزات جميلة. فهي تجري أولاً في المكان الذي يعيش فيه اللاعب، في أي مدينة على الأرض عبر مزامنة لموقعه إلكترونياً باستخدام «GPS»، وعند مصادفة أي بوكيمون، يمكن فتح كاميرا الهاتف لنقل صورة مجسمة له إلى الهاتف وخلق انطباع بوجوده أمام اللاعب مباشرة، في غرفة جلوسه أو على الشرفة أو في الحديقة مثلاً. نافذة جديدة فتحتها لعبة «بوكيمون غو» من خلال دمجها بين الواقع الافتراضي والحقيقي... فاللعبة التي تعود لأكثر من 20 عاماً، وكانت تُلعب عند إطلاقها باللونين الأبيض والأسود، أحدثت ثورة في عالم الألعاب.