علمت “الشرق” أن مجموعة من الأحزاب السياسية الكبرى في المغرب تبذل جهودا لاستقطاب عددٍ من معتقلي السلفية الجهادية الذين تم العفو عنهم بأمر ملكي مؤخرا. وقالت مصادر “الشرق” إن عملية الاستقطاب تدخل في سياق احتواء هؤلاء لما لهم من شعبية جارفة وسط أتباع التيار، ويتعلق الأمر بمن أُطلِق سراحهم بعد استنفاذهم العقوبات الحبسية الصادرة في حقهم، أو من يُنتَظر الإفراج عنهم مستقبلا، بناء على الوعد الذي قدمته الدولة، في شخص وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، بطي الملف بشكل نهائي وعقد مصالحة وطنية. وبحسب المعلومات المتوافرة ل “الشرق”، فإن حزب الاستقلال في شخص أمينه العام عباس الفاسي، رئيس الوزراء السابق، سيعقد اجتماعا السبت المقبل، في مدينة سلا -المحاذية للعاصمة الرباط- في بيت الشيخ حسن الكتاني، الذي يعد أحد أبرز شيوخ السلفية الجهادية الذين تم الإفراج عنهم، في آخر ذكرى للمولد النبوي الشريف. وسيحضر اللقاء قياديون من حزب النهضة والفضيلة ذي المرجعية الإسلامية، وفاعلون حقوقيون وسياسيون، وأتباع للشيخ الكتاني، دون أن تستبعد المصادر حضور بقية الشيوخ محمد عبدالوهاب الرفيقي “أبو حفص” وعمر الحدوشي، اللذين أفرج عنهما رفقة الكتاني بمقتضى عفو ملكي، بعدما اعتقلوا على خلفية أحداث 16 مايو 2003 الإرهابية، وأدينوا بتهم من بينها التحريض على تلك الأحداث التي خلفت 44 قتيلا.ويسعى حزب الاستقلال، المحسوب على التيار السياسي المحافظ، إلى خطب ود الإسلاميين، في محاولة لجلبهم إلى صفوفه وخلق توازن سياسي يواجه به الشعبية التي كسبها حزب العدالة والتنمية ومنحته قيادة الحكومة الثلاثين في تاريخ البلاد، في الوقت الذي سحبت فيه الزعامة عن حزب الاستقلال، الذي كان يمني النفس بمواصلة قيادة الحكومة. وتتزامن خطة الاستقلال مع الاستعدادات للانتخابات البلدية التي ستجرى الصيف القادم، حيث أشارت استطلاعات رأي إلى أن حزب العدالة والتنمية، مرشح قوي لاكتساح كبير لهذه الانتخابات، خاصة بعدما زادت شعبيته، بسبب ما أظهره وزراؤه من حزم في تدبير القطاعات التي يشرفون عليها، وكشف العديد من بؤر الفساد ونشر لوائح مستفيدين من أذونات نقل. وكان بديهيا في ظل هذه التوقعات أن تتحرك آلة مختلف الأحزاب، من ضمنها الاستقلال والحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار، في محاولة لاستقطاب سلفيين لهم شعبية كبيرة. وكان حزب العدالة والتنمية، ممثلا في شخص وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، عقد اجتماعا في بيته مع شيوخ السلفية الجهادية عبدالوهاب الرفيقي “أبو حفص” ومحمد الفيزازي وحسن الكتاني وعمر الحدوشي، حثهم على الانتباه إلى تصريحاتهم ودعاهم إلى تبني مقاربة تصحيحية لبقية سجناء ما يعرف بالسلفية الجهادية للمساعدة على تسوية وضعياتهم والنظر في ملفاتهم، وطالبهم بمساعدة القابعين في السجن من أتباع السلفية الجهادية -عددهم 700 شخص- لكي يغيروا أفكارهم. وفي وقت سابق، أشار محمد الفيزازي إلى رغبة السلفيين في تأسيس حزب سياسي، وهي الدعوة التي عجلت بتحركات أحزاب كبرى لاستقطاب أتباع التيار السلفي في محاولة لاحتوائهم وإدماجهم في أحزابهم، من دون الحاجة إلى ميلاد حزب جديد، وفي حال فشل المخطط، فعلى الأقل يتم التنسيق المسبق معهم، كما هو مفهوم من لقاء السبت المرتقب بين زعيم الاستقلال عباس الفاسي وأحد أبرز رموز التيار حسن الكتاني.