غداة العثور على الصندوق الأسود الأول لطائرة «مصر للطيران» المنكوبة؛ أعلنت القاهرة العثور على الصندوق الأسود الثاني، ما يقرِّب لجنة التحقيق من معرفة أسباب حادث التحطم فوق البحر المتوسط الشهر الماضي. وأفادت لجنة التحقيق المصرية، أمس، بتمكُّن سفينة تشارك في عملية البحث من انتشال الصندوق الثاني الذي يحتوي على بياناتٍ من أنظمة الطائرة. وجاء الإعلان بعد يومٍ واحدٍ من عثور فرق البحث على الصندوق الأول الذي يتضمن التسجيلات الصوتية لقمرة القيادة. وأودى الحادث بحياة 66 شخصاً هم كل من كانوا على متن رحلة جوية أقلعت من باريس وكانت في طريقها إلى القاهرة. ويمثل العثور على الصندوقين الأسودين أمراً محوريّاً لمعرفة ما حدث للطائرة التي هوَت في مياه المتوسط صباح ال 19 من مايو الماضي، وكانت من طراز «إيرباص إيه 320». وأكدت لجنة التحقيق، في بيانٍ لها، تسلُّم المحققين الصندوقين بعد انتشالهما. و«جارٍ نقل الجهازين إلى مقر الإدارة المركزية لحوادث الطيران في وزارة الطيران المدني لبدء عملية فحصهما تمهيداً لاستخراج ما بهما من معلومات»، بحسب البيان. ووفقاً لما قالته اللجنة؛ قد يستغرق تحليل البيانات عدة أسابيع. وإذا كانت وحدة الذاكرة في الجهازين في حالٍ جيدة؛ سيتم البدء فوراً في تفريغ محتوياتهما في معامل الادارة المركزية لحوادث الطيران في القاهرة. أما إذا كان هناك تلف بسيط في أحدهما أو كليهما؛ سيتم اتخاذ اللازم نحو إصلاح هذا التلف محليّاً. وعند وجود تلفٍ جسيم؛ ستتم إجراءات الإصلاح في الخارج بمعرفة لجنة التحقيق. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة. لكن مصادر مطَّلعة على التحقيق اعتبرت أن من السابق لأوانه استبعاد أي أسباب بما في ذلك الإرهاب. وإذا تبيَّن أن مسجِّل محادثات قمرة القيادة في حالٍ جيدة؛ فإنه سيكشف الحوارات بين الطيارين وأي إنذارات انطلقت في القمرة، إلى جانب أي خيوط أخرى تقود لمعرفة ما حدث مثل صدور ضوضاء عن المحرك. لكن خبراء في حوادث الطيران يقولون إن المسجِّل قد يعطي لمحة محدودة عن سبب الحادث خاصةً إذا كان الطاقم مرتبكاً أو لم يتمكن من تحديد أي خلل. وحُفِظ مسجِّل البيانات في ماءٍ لمنع تأكسده حتى يتسنى فتحه في ظروف مناسبة. وإذا كانت الشريحة الموجودة بداخله في حالٍ جيدة؛ فإنه يزيد بدرجة كبيرة فرص اكتشاف سبب التحطم. وسوف يزيل المحققون الشريحة من غطاءٍ واقٍ قبل تنظيفها وفحصها لمعرفة مدى ما أصابها من ضرر. وبينما لم يُستبعَد أي تفسيرٍ حتى الآن؛ يزداد اعتقاد مسؤولين حاليين وسابقين في صناعة الطيران بأن السبب الرئيس للكارثة يتعلق بالأنظمة التقنية في الطائرة أكثر من كونه عملاً تخريبيّاً متعمداً. وسيفحص المحققون الأوامر التي أصدرها الطيار. وإن أمكن؛ ستجري مراجعة محادثات الطيار ومساعده لمحاولة محاكاة ما فهمه كل منهما وما فعلاه وما إذا كانت الإجراءات التي قاما بها أدت إلى تفاقم المشكلة التقنية أو خففت منها. وفي عديد من حوادث الطيران التي وقعت على ارتفاع شاهق؛ أُلقِيَت باللائمة على مزيجٍ من المشكلات التقنية وأخطاء الطيارين. وهذه هي ثالث أزمة لصناعة الطيران المصرية منذ أكتوبر الماضي. وتحطمت طائرةٌ روسيةٌ فوق شبه جزيرة سيناء في أكتوبر وقُتِلَ 224 هم كل من كانوا على متنها في هجومٍ تبنَّاه تنظيم «داعش» الإرهابي. وفي مارس؛ اختطف رجلٌ طائرةً تابعةً لشركة «مصر للطيران» وهو يرتدي حزاماً ناسفاً اتضح لاحقاً أنه زائف، لكن أحداً لم يصب بأذى في ذلك الحادث.