تمسكت مصر أمس باستبعاد أن يكون هجوم خارجي أدى إلى سقوط طائرة «متروجيت» الروسية في سيناء قبل أيام، بعد ترجيح الشركة مسؤولية «عامل خارجي» لم توضحه. كما نفت إرسال قائد الطائرة إشارة استغاثة قبل سقوطها الذي أدى إلى مقتل 220 روسياً و6 أوكرانيين. ووصل خبراء جدد إلى القاهرة أمس للمشاركة في التحقيقات الفنية المتعلقة بسقوط الطائرة. وساد تضارب في شأن مكان تفريغ محتويات الصندوقين الأسودين للطائرة اللذين تمكن طاقم فني مصري من انتشالهما من الحطام بعد الحادث بساعات. ففي حين أظهرت تصريحات الحكومة المصرية أن الصندوقين سيتم تفريغهما في القاهرة، قال السفير الروسي لدى القاهرة سيرغي كيربتشينكو إن الصندوقين سيتم تفريغ بياناتهما في موسكو. وقال مجلس الوزراء إنه «يتم حالياً اتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لتفريغ محتويات الصندوق الأسود بالتنسيق بين الجهات المعنية في مصر والفريق الروسي المتواجد في القاهرة للمشاركة في عمليات البحث الخاصة بالحادث، إضافة إلى ممثلي كل من الشركة المصنعة للطائرة والدولة المسجلة فيها الطائرة (إرلندا)». وأشار إلى أن «من المنتظر أن يصدر فريق التحقيق المكون من الجهات المعنية كافة، تقريراً عن نتائج التحقيق التي توصل إليها في حادث سقوط الطائرة بعد انتهاء أعمال الإجراءات والتحقيقات الخاصة بالموضوع». لكن السفير الروسي لدى القاهرة أوضح أن «الصندوقين سيتم نقلهما إلى موسكو لتفريغ محتوياتهمها وكشف ملابسات الحادث»، مؤكداً أن «هذا الإجراء معمول به دولياً في مثل تلك الحوادث». والتقى وزير الطيران المصري حسام كمال وزير الطوارئ الروسي فلاديمير بوتشكوف وتفقدا الصندوقين الأسودين في مركز تحليل حوادث الطيران في مقر وزارة الطيران المدني، واطلعا على حالتهما وناقشا اللجنة المشكلة للتحقيق في الحادث. وقال في تصريحات إن «الجانب الروسي وفريق شركة ارباص المصنعة للطائرة وممثلاً عن الجانب الإرلندي (كون الطائرة مسجلة في سجل الطيران المدني الإرلندي) سيشاركون الجانب المصري في تفريغ بيانات الصندوقين واستكمال إجراءات التحقيق الخاصة بالحادث». لكنه لم يجزم بمكان تفريغ تلك البيانات. وأشار إلى أن «فريق التحقيق الفني سيزور موقع الحادث كلما استدعى الأمر». وقال إن «مصر هي الطرف الرئيس في التحقيقات لأنها الدولة التي سقطت فيها الطائرة، وفقاً للتشريعات الدولية، بينما الأطراف الأخرى معاونة. ولا تكهنات في شأن سبب الحادث، إلا عقب استكمال جميع التحقيقات والانتهاء من تحليل الصندوقين، وتحليل الحطام بعد تجميع أكبر قدر منه». وأضاف: «حتى الآن لم تبدأ التحقيقات رسمياً، ولم يبدأ تحليل الصندوقين في معامل وزارة الطيران، وفي المرحلة الأولى يتم التأكد من صلاحية الصندوقين، وإذا كانت هناك أعطاب تحول دون تفريغهما، فمن الممكن نقلهما لتفريغهما في معامل الشركة المصنعة للطائرة». وقال إن «فريق التحقيق لم يبدأ بعد في تفريغ محتويات بيانات الصندوقين، والأمر سيستغرق فترة طويلة». ووصل إلى القاهرة وفد ديبلوماسي روسي بصحبة محققين دوليين في مجال حوادث الطائرات. واستمعت النيابة العامة المصرية إلى شهادات مسؤولين في مطار شرم الشيخ الذي أقلعت منه الطائرة، وخبراء فنيين من وزارة الطيران المدني في إطار تحقيقاتها في الحادث، وطلبت موافاتها بالتقارير الفنية عن فحص حطام الطائرة. وشكلت الحكومة المصرية غرفة عمليات من وزارات وجهات أمنية عدة لمتابعة تطورات الحادث تتصل مباشرة مع فريق مصري يرافق الخبراء الروس والأجانب المعنيين بالقضية. وقالت غرفة العمليات في بيان أمس إن «196 جثماناً نقلوا على متن طائرة روسية، فيما تتواصل عمليات البحث والإنقاذ لانتشال بقية الأشلاء والجثث». وأعلن مسؤول مصري «توسيع دائرة البحث عن الأشلاء والحطام في نطاق الحادث لما يزيد على 20 كيلومتراً»، بعدما كانت امتدت إلى ثمانية كيلومترات أول من أمس. ولفت إلى أن «السلطات الروسية تشارك بآليات وفريق من الخبراء، وقد تتم الاستعانة بطائرات روسية من دون طيار لانتشال بقية الأشلاء وحطام الطائرة»، مشيراً إلى «انتشال 12 قطعة كبيرة من حطام الطائرة، وجدت على مسافة ليست قريبة من موقع العثور على الجانب الأكبر من الحطام». وأشار إلى أن «تناثر الحطام يُرجح فرضية أن الطائرة تحطمت في الجو، قبل ارتطامها بالأرض، لكن لا مؤشرات على أن الطائرة تعرضت لهجوم خارجي، فضلاً عن أن تحليل البيانات الأولية التي تم الحصول عليها أظهر أن قائد الطائرة لم يرسل أي استغاثات». ولفت إلى أن «تفريغ بيانات الصندوقين الأسودين يحتاج إلى وقت وأمور تقنية، والتلفيات التي أصابتهما محدودة، لكن تمكنا من استخلاص بيانات أولية لا تخص الأمور الفيزيقية للرحلة. يوجد مركز متخصص في تلك الأمور في مكان قريب من الحادث. من تلك التحليلات الأولية، لم يتضح أن قائد الطائرة أرسل استغاثات، ما يُمكن أن يدحض الفرضية القائلة إن الطائرة تعرضت لهجوم من الداخل... وفي كل الأحوال الوصول إلى نتائج نهائية لن يتم قبل تفريغ بيانات الصندوقين».