الدمام، جدة، الرياض – تهاني البقمي،أحلام الجهني، منيرة الرشيدي المحيميد: ليس جميع المطَلِّقين يعملون برواتب وليست كل مطَلقة تستحق النفقة حلواني: لا نحتاج استحداث أنظمة.. والإجراءات الرادعة حيال توقف المطلق عن النفقة موجودة أبو عبدالله : بعض المسؤولين يحاولون التضليل في إفشاء نسب الطلاق الحقيقية اتجه بعض القضاة إلى اتخاذ إجراءات خاصة للإلزام بتنفيذ حكم النفقة الذي يمتنع أو يماطل بعض المطلقين في تنفيذه، واشتمل ذلك على «إيقاف راتب المطلق» أو استقطاع مبلغ النفقة من راتبه، لكن قضاة ومختصين يؤكدون أن نجاح مثل ذلك يعتمد على تعاون جهات العمل سواء حكومية أم خاصة التي يمكنها تنفيذ تلك الإجراءات لإنصاف العديد من المطلقات وأبنائهن، وطالب عدد من المطلقات بأخذ حقوقهنّ دون إلحاح باستقطاع النفقة من راتب المطلق شهرياً أو إيقاف راتبه حتى يدفع جميع مستحقاته. «الشرق» فتحت ملف قضية «النفقة» وسألت عددا من القضاة والمختصين القانونيين الذين تباينت آراؤهم وأدلوا بالعديد من الاستشارات والمرئيات حيال الاجتهادات التي يقوم بها بعض القضاة من استقطاع أو إيقاف راتب المُطَلِّق للحد من المماطلة في تنفيذ أحكام النفقة في الأسطر التالية : إيقاف الراتب سردت المطلقة (أم ليان) قصتها مع طليقها الذي تجاهل حضور الجلسات الخاصة بقضية النفقة، الأمر الذي جعل القاضي يتجّه لمخاطبة جهة عمله «إحدى شركات القطاع الخاص» حيث تم إيقاف راتبه، وعلى الفور حضر للقاضي مباشرة ووعد بتنفيذ النفقة. وقالت زاكي العتيبي « طُلقت وأنا أبلغ من العمر 17 عاماً، ورجعت إلى أهلي وأنا أحمل طفلا في بطني، ولم يسأل عنه سنوات طويلة ولم يصرف عليه، وكنت الأم والأب ولكن الله مَنَّ عليَّ بنعمة الصبر حتى كبر ابني وأصبح رجلاً يعتز به». وأشار أبو محمد – مطلق وله ستة أبناء – إلى أنه اتفق مع مطلقته أن يدفع لها 2500 ريال شهرياً شاملة السكن وكسوة العيدين، وحيث إن المبلغ المتفق علية قد لا يكفي ، لذلك ترك الاتفاق وقال «إني أصرف على عيالي من غير حساب، وأهم ما في الأمر هو إحساس الرجل المطلق أن هؤلاء الأبناء هم أمانة في عنقه وملزم بالصرف عليهم». تعليق الزوجة ويرى «أبو سعود» أن إجراء إيقاف الراتب أو استقطاعه سيعقد المشكلة حيث إن الرجل سوف يقوم بتعليق زوجته دون طلاقها ودون النفقة عليها حتى لا يطبق عليه هذا الإجراء، وتخالفه الرأي أم محمد التي قالت «نتمنى تطبيق فكرة استقطاع النفقة مباشرة من الراتب شهرياً دون أن نضطر إلى الاتصال والجري وراء حقوقنا كل شهر ومُمَاطلة مَنْ لا يخاف الله». إجراء صحيح و قال عميد كلية الشريعة في جامعة القصيم سابقاً الدكتور سعود الفنيسان «إن إجراء الاستقطاع حديث ولم يفعل لأن القاضي يحكم بإلزام المطلق بالنفقة وإذا لم ينفذ فالناحية الأمنية تلزم بسجنه ولا يجوز للمطلق أن يوقف النفقة لا على المطلقة ولا على أولادها والنفقة تقدر على حسب العرف فالقبائل والحمايل والبيوت تختلف فهناك بيت ثري، وبيت متوسط، وآخر فقير وعلى حسب يسرهم وفقرهم وغناهم تكون النفقة. وبين الفنيسان أن هذا الإجراء لم يطبق بشكل رسمي لأنه يحتاج إلى إجراءات مع البنوك والجهات الأخرى وقد يكون هناك اجتهادات من بعض القضاة بالتنفيذ والقاضي يحكم بذلك فعلياً، لكن يقف التنفيذ على الجهات الأخرى ولابد من أن تتعاون الجهات الأمنية مع مرجع المطلق حتى يتم إيقاف الراتب، ولابد للبنوك أن يكون لديها تعميم من الجهات المخولة، حيث إن الإجراء يتم الحكم به في المحكمة فقط ولكن آلية التنفيذ لا تتم، وإذا حكم عليه فلابد أن يكون ملزماً . تطبيق ساهر المحيميد وأكد المحامي والمستشار القانوني عضو برنامج الأمان الأسري الوطني أحمد إبراهيم المحيميد «إن فكرة الاستقطاع من راتب المطلق وجدت دعما وتأييدا من غالبية الشخصيات الاجتماعية والإعلامية، ولكن كان هنالك بعض المحاذير وبعض السلبيات مثل أنه ليس جميع المطلقين يعملون ولديهم رواتب، وكذلك ليست كل مطلقة تستحق النفقة، أيضا ليس هنالك مبلغ محدد أو معروف لاسقتطاعه شهرياً واختلاف المبلغ في كل حالة عن الأخرى، وأيضا صعوبة السيطرة والالتزام بالاقتطاع من قبل الشركات أو البنوك دون تدخل حاسم من الأجهزة الحكومية». وأضاف « لابد من دعم وتأييد هذه الفكرة وأتمنى لو يتم تطبيق «ساهر عائلي» على أي مطلق لا يلتزم بتنفيذ الأحكام والالتزامات التي عليه فليس اقتطاعا من الراتب وإنما مضاعفة النفقة و»تدبيلها» وحرمانه من أية خدمات حكومية ومنعه من السفر حتى تنفيذ ما عليه من التزامات تجاه أسرته والآخرين». ردع المستهترين وقال مأذون الأنكحة عبدالكريم المالكي «إن الشرع الحنيف نظم كل ما يتعلق بالنفقات والحضانة وما إلى ذلك سواء قبل الطلاق أو بعده، وقد قال – صلى الله عليه وسلم – «كفى بالمرء إثماْ أن يضيع من يقوت»، وفي هذا عظم الإثم على من فرط في الإنفاق على الزوجة والأبناء وأن النفقة عليهم أولى من النفقة على غيرهم بل هي فرض عين يأثم من قصر فيها، فإن طلق الزوجة طلاقاً بائناً بقيت النفقة في حق الأولاد عليه، فإن أنفقت أمهم على أبنائها جاز لها مطالبته بكل ما أنفقته عليهم ويصدر بذلك حكم شرعي، إن امتنع عن تنفيذ الحكم فإن لها أن تتقدم إلى الجهات المختصة للمطالبة بإيقاف تعاملاته المالية حتى يمتثل وينفذ الحكم الشرعي، ولها أن تقيم دعوى بالمطالبة بالتعويض عن تقصيره في تحمل المسؤولية ولاشك أن هذا الإجراء يعد علاجاً لردع المستهترين بحقوق أبنائهم وعلاجاً ناجعاً في تقليص قضايا النفقة». وأشاد المالكي بوزارة العدل لإنشائها أقساماً للصلح والتوفيق الأسري في المحاكم للحدّ من كثرة حالات الطلاق والتي تقارب ألفي حالة شهرياً في مدينة الرياض. قيد الدراسة د . عمر الخولي وأوضح المستشار القانوني الدكتور عمر الخولي إن خصم مبلغ النفقة بصورة آلية لمصلحة المستفيد مازال قيد الدراسة وقال «بلاشك إن الإجراء سيقلل من المماطلة التي يمارسها المحكوم عليه حتى ولو كان المبلغ ضئيلا جداً لا يتجاوز 600 ريال، وعن إجراءات قضية النفقة قال «ترفع دعوى النفقة كأية دعوى أخرى بطلب صاحب النفقة أو من يمثله، ويتم تبليغ المدعى عليه، وتعقد الجلسات والمشكلة أن الدعوى تخضع لجدول الدعوات الأخرى كقضايا الأحوال الشخصية والأسرية و تأخذ أحيانا ً سنتين». تنفيذ النفقة خالد أبو راشد وأشار المحامي خالد أبو راشد إلى أن المطلقات يعانين من إجراءات تنفيذ النفقة لأن الأحكام الأخرى تنفذ مرة واحدة، يحكم بمبلغ معين وتنتهي القضية لكن هذا النوع من الأحكام لا ينفذ مرة واحدة بل يفترض للمرأة عند قرب موعد النفقة أن تذهب إلى الشرطة وتقوم بطلب أول، وطلب ثاني، ثم الشهر الذي يليه وهكذا، وبذلك تذهب 12 مرة في السنة، وقال «يفترض أن تكون هناك آلية أخرى ومقترحات تنفذ بصورة تلقائية ليتم خصم المبلغ من البنوك في حال عدم تسديد المطلق شهرين أو ثلاثة بحيث يكون فيه تعزير عليه» وأضاف «نعمل حالياً على إيجاد آليات للحد من هذه القضية، ولابد أن تكون هناك إجراءات أفضل لأن المرأة تعاني من مماطلة المطلق ومن تنفيذ أحكام النفقة من خلال إلزام المطلق بإيداع النفقة شهريا في حساب المطلقة وفي حالة تأخره يتم تعزيره ومعاقبته وإذا وجدت هذه الآلية سيحرص المطلق على دفع النفقة أولاً بأول بدلاً من ملاحقة المرأة له». قانون ملزم وبين القاضي بوزارة العدل الدكتور عيسى الغيث أن هذا الإجراء يجب أن يكون هو السائد، ولكنه غير منصوص عليه حتى الآن بشكل قانوني ملزم، وإنما يتم أحياناً بموجب أوامر قضائية حسب اجتهاد القاضي وسلطته التقديرية، وحينها يتم تطبيقه من الجهات التنفيذية خصوصاً البنوك بإشراف مؤسسة النقد، وأتمنى أن يصدر قانون للأحوال الشخصية يعالج جميع قضايا الأسرة بما فيها قضية النفقة، بحيث تعرف الأحكام قبل اللجوء للقضاء وقد تطبق من جهات تنفيذية ابتداء ولا تحال للقضاء إلا عند النزاع. خدماته موقفة وشدد المستشار القانوني خالد حلواني على أنه لا حاجة لاستحداث أنظمة جديدة كون الأنظمة والإجراءات الرادعة حيال توقف المطلق عن النفقة موجودة وقال «الإشكالية تكمن في جهل علمها وتكاسل من يطبقها، وبعض القضاة توجهوا إلى عمليات إيقاف الخدمات الحكومية بصفة كاملة عن المطلق الذي يتوقف عن حكم النفقة وحين يراجع أية دائرة حكومية أو حتى بنوك يجد أن جميع خدماته موقفة ويطلب منه مراجعة المحكمة حتى يدفع جميع المستحقات التي عليه وهذا إجراء متخذ ومطبق عليه، بالإضافة إلى أن القاضي أحيانا يكتب خطابا رسميا يطالب الجهة التابعة لعمل المطلق بإيقاف راتبه أو خصم المبالغ المستحقة عليه من رواتبه مباشرة، لكن للأسف جميع هذه الإجراءات يجهلها النساء حيث تدور في حلقات مفرغة ويكون هناك إجراء يخدمها لكنها تجهله، فمثلاً المطلقة لو أخذت صكها من القاضي ومحكوم لها بنفقة معينة وقدمته للحقوق المدنية أو لقاضي التنفيذ تحصل على جميع حقوقها مع تطبيق إجراءات قوية على المطلق من ضمنها إيقاف الخدمات ومحاصرته إلكترونياً في جميع الدوائر. حاجة للتطوير وأضاف حلواني قائلاً «نحتاج إلى التطوير ووجود جهات متابعة ومراقبة، حيث إن القاضي عند إصدار الحكم يحيله إلى الجهات التنفيذية وهناك يحدث تباطؤ وتكاسل في حلها لذلك تكون من مهمة هذه الجهة إصدار أنظمة وآلية لتنفيذ الحكم في مدة لا تزيد عن شهر واحد وتكون هناك مساءلة وتحقيق في حال التأخر عن المدة الزمنية المحددة». عقوبات مالية و يقول المأذون الشرعي والمستشار الأسري «أبو عبد الله» «هناك لائحة تدرس من قبل وزارة العدل نتمنى تطبيقها نظراً لهضم حقوق المطلقات من أهمها ألا يصدر صك الطلاق من المحاكم حتى يصدر أمر باستقطاع من راتب المطلق مباشرة كل شهر، ولا بد من إيجاد عقوبات مالية على الزوجين في حال مخالفتهما زيارة الأبناء لأحدهما لأن المجتمع للأسف لا ينضبط إلا بالجزاء المادي وهذا ما أثبته نظام ساهر الذي حد كثيرا من مخالفات السرعة، العقوبات المالية رادعة أكثر من عقوبات السجن كما أطالب وزارة العدل بالتعجيل في المحاكم الأسرية لأنها تحد من وقوع مشاكل الطلاق والنفقة» وأضاف أبو عبد الله» مؤشر نسب الطلاق مخيف، وهذا ما اطلعت عليه شخصياً حيث إن متوسط حالات الطلاق يومياً في جدة ما بين 35 إلى 40 حالة وفي مكة من 30 إلى 35 وفي الطائف من 10 إلى 15 حالة ومازال بعض المسؤولين يحاولون التضليل في إفشاء نسب الطلاق الحقيقية». استشارات النفقة وأوضحت المستشارة القانونية ريم العجمي أن غالبية الاستشارات التي ترد إليها 50% منها تقريباً عن قضايا النفقة، كما أوردت العجمي أن بعض القضايا التي يتم الحكم فيها يلتزم الأب بالنفقة لعدة أشهر ثم يتوقف وتتم المطالبة من جديد بالنفقة، وأشارت العجمي إلى أن هناك اقتراحا يدرس حالياً وهو الاستقطاع من الراتب تلقائيا، فيما نفى مدير الشؤون الصحية في جدة الدكتور سامي با داوود «وجود حالات موظفين طبق عليهم إجراء إيقاف الراتب لتخلفهم عن النفقة». حكم موضوعي و ذكر الناطق الرسمي لوزارة العدل منصور القفاري أن إيقاف راتب المطلق الذي لا ينفذ حكم النفقة هو حكم موضوعي قضائي يخضع لتقدير القاضي بحسب كل قضية وواقعها، فنظام «التنفيذي» يجيز التنفيذ على أموال المحكوم عليه بما فيها الراتب، كما أنه ليس إجراءً مباشرا مع كل قضية، فنظام المرافعات وطريقة التنفيذ يجزئ على الراتب بجزء معين لا يضر بصاحب المال. النفقة