- أنْ تمتلئ المساجد بالمصلين في (بعض) صلوات الفريضة-باستثناء صلاتي الظهر والعصر- خلال شهر رمضان المبارك، خصوصاً في أوله، وتكتظ كذلك في أوقات صلاة التراويح، حتى ممن لا يكاد يعرف طريق مسجد الحي المجاور لمنزله قبل رمضان. - وأنْ يُنفض الغبار عن مصاحف المساجد، وتُقلّب صفحاتها الكريمة على عجلٍ، من معظم المصلين، على غير العادة في بقية أشهر العام، ما عدا ما كان يحدث في يوم الجمعة، من كل أسبوع. - وأنْ ترتدي رسائل «الواتس» الحجاب، وتُقصر مقاطع «السناب» الثياب، وتتحول تغريدات «تويتر» إلى الوعظ والإرشاد. كل ذلك يمكن أن يُفسر في ضوء خصوصية شهر رمضان، روحانياً ونفسياً، وتأثير الصيام كعبادةٍ خاصة، ذات تأثيرٍ عميق، على النفس البشرية، حد سبر أغوارها ومكنوناتها الشفافة، وإحياء بذور الخير الكامنة بداخلها، التي تتوارى نسبياً في زحمة المشاغل الدنيوية، واللهاث المحموم، خلف المغريات والملهيات والشهوات، ليكون هذا الشهر الفضيل، وقفة تأمل، ونقطة تحول، لبعث نوازع الذات الإنسانية، الخيرية والإيمانية، التي ربما تخفت لكنها لا تموت..! لكن السؤال المسكوت عنه، الذي نحاول تجاهله، أو الهروب منه؛ هل ما نفعله في رمضان، شعائر وعبادات، أم «مظاهر» وعادات؟!. ولكي تكون إجاباتنا أقرب إلى الحقيقة، وأدنى إلى الموضوعية، علينا أن نُقيّم بكل تجردٍ وحيادية، مدى الأثر والتغيير، لكل تلك الأعمال والظواهر «الرمضانية»، على «سلوكياتنا» اليومية، وانعكاساتها على منظومتنا «القِيَمِية» والأخلاقية، في كل حالاتنا وأحوالنا، على مستوى النظرية والتطبيق، منهجاً وعملاً، على صعيد المُثُل والعمل، في البيت والشارع والمكتب والمسجد، على حدٍ سواء، كما يجب ألا نغفل عن تقييم، جانب الثبات «النسبي» والديمومة، فيما بعد شهر رمضان، مع مراعاة اختلاف الظروف والمؤثرات، وسنصل حتماً لتفسير حالة «التجلي» الإيماني والروحاني، التي تتلبسنا جميعاً كل رمضان، هل هي عباداتٍ نقية، أو مظاهر شكلية..!