ستكون استمالة أنصار بيرني ساندرز من أولى مهام هيلاري كلينتون بعدما تأكدت من الترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية عن الحزب الديمقراطي. وأغرى سيناتور فيرمونت مؤيديه بحملةٍ متمردةٍ اعتمدت على الاشتراكية، وخاض منافسةً حاميةً مع وزيرة الخارجية السابقة على بطاقة الترشح عن الديمقراطيين. لذا؛ سيكون حصول كلينتون (68 عاماً) على أصوات منافسها السابق مهمةً عسيرة، مع تشكيك مراقبين في التزامها ببعض وعودها. وفي لقاءٍ جماهيري أخير؛ كان أنصار ساندرز (75 عاماً) يطلقون صيحات الاستهجان كلما ذكَر اسم كلينتون؛ وكأنه يتحدث عن رجل الأعمال، دونالد ترامب، الذي سيترشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري. لكن الوزيرة السابقة لم تُضِع وقتاً، وبدأت على الفور محاولةً لكسب أنصار خصمها السابق لصفِّها، حيث اتصلت به مساء الثلاثاء. وخلال لقاءٍ احتفالي في بروكلين؛ أثنَت على سعيه للترشح، قائلةً إن «النقاش الحيوي» الذي شهدته الساحة السياسية خلال سباق الانتخابات التمهيدية كان في صالح الديمقراطيين. وتوقع أعضاءٌ في الحزب من المعسكرين اللذين تنافسا في التمهيديات أن تمدَّ كلينتون ب «مزيدٍ من أغصان الزيتون» لساندرز في الأسابيع المقبلة «بما في ذلك قبول حلول وسط في برنامج القضايا الذي سيتم تبنيه في المؤتمر العام للديمقراطيين في يوليو المقبل». وقد تشمل التفاهمات إصلاح عملية الانتخابات التمهيدية التي انتقدها ساندرز واعتبرها مزيفة ومتحيزة لصالح المؤسسة الحزبية. مع ذلك؛ لن يكون من السهل استمالة كل أنصار عضو مجلس الشيوخ عن فيرمونت. وساعد هؤلاء في دفعه إلى الأضواء على المستوى الوطني بعدما كان مغموراً، وهلَّلوا لرسالة المساواة في الدخل التي طرحها وما نادى به من إصلاح عملية تمويل الحملات الانتخابية، وكذلك حديثه عن الفساد في حي المال في نيويورك «وول ستريت». وبعدما كانت فرصته ضئيلة في العام الماضي؛ فاز السبعيني بنحو 10 ملايين صوت، متفوقاً في أكثر من 20 ولاية خلال التمهيديات. ولاحظ استطلاع رأي، نظمته «رويترز- إبسوس» في مايو الماضي، تزايد اعتراضات أنصار ساندرز على كلينتون، حتى أن أقل من نصفهم يقولون إنهم سيصوِّتون لها إذا ما أصبحت مرشحة الحزب. والشهر الماضي؛ أفاد 41% من أنصار ساندرز أنهم سيصوتون لصالح منافسته إذا ما خاضت انتخابات 8 نوفمبر في مواجهة ترامب. وكانت النسبة 50% في إبريل و52% في مارس. وتعتزم بعض الجماعات المناصرة للاتجاه الاشتراكي زيادة الضغوط خلال الأسابيع القليلة المقبلة على كبار المندوبين. والأخيرون هم مجموعةٌ من كبار مسؤولي الحزب يمكنهم التصويت لأي مرشحٍ يختارونه. وهدف الضغط عليهم دفعهم إلى تغيير آرائهم في اللحظة الأخيرة. وتنتظر زوجة الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، المؤتمر الحزبي في فيلادلفيا ليصبح ترشحها رسميّاً. وبدأ المسؤولون عن مجموعة على «فيسبوك» تضم 25 ألف عضو ابتكار تطبيقٍ على الإنترنت للاتصال بكبار المندوبين وإرسال رسائل يومية لهم بالبريد الإلكتروني لحثهم على تأييد ساندرز. وخلال معركة التمهيديات؛ اقتربت كلينتون من تيار اليسار بغرض صدِّ منافسها، فعارضت اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ وخط أنابيب النفط «كيستون» من كندا، وأبدت تأييدها لزيادة الحد الأدنى للأجور وفرض قيودٍ على «وول ستريت» مع تقليل فوارق الدخل. وأفضل خطوةٍ يمكنها أخذها الآن لكسب ود التقدميين الذين دعموا ساندرز الإعلان عن تأييدها مواقفهم. وعلَّق آدم جرين، الذي شارك في تأسيس لجنة حملة التغيير التقدمي، قائلاً «إحدى أكبر نقاط التشكيك التي نسمعها من أنصار ساندرز بل ومن بعض أنصار كلينتون غير المتحمسين لها؛ مسألة ما إذا كانت تعني حقّاً ما قالته في الانتخابات التمهيدية». واعتبر جرين الأسبوعين التاليين فرصةً ذهبيةً «لإبراز الرد»، مشيراً إلى تعهد كلينتون توسيع شبكة مزايا الضمان الاجتماعية وإصدار أحكامٍ جنائيةٍ في عمليات التحايل المالي وتفتيت البنوك التي تمثِّل مخاطر اقتصادية. ورأى عددٌ من الديمقراطيين أن الجمهوري ترامب (69 عاماً) ربما يصبح أفضل حافز لتحوُّل أنصار ساندرز إلى تأييد كلينتون. ولاحظ براد أندرسون، وهو خبير استراتيجي في أيوا ومؤيد للوزيرة السابقة، أن «ما فعله ترامب أكبر مما فعله أي شخص آخر لدفع أنصار ساندرز نحو مرشحتنا في الانتخابات العامة»، مبيِّناً أنه شهِدَ بوادر تحوُّل في الأسابيع القليلة الماضية. وربما تقدِّم كلينتون تنازلاتٍ بعينها أو مبادراتٍ لتهدئة ساندرز خاصةً استبعاد كبار المندوبين من عملية الانتخابات التمهيدية، علماً أنه شكا من دور هؤلاء الذين قدموا تأييداً قويّاً لمنافسته. واعتبر خبير الاستراتيجية الديمقراطي، ستيف شيل، أن ثمَّة طريقة سهلة لكسب ود أشد أنصار الرجل تعلُّقاً به «وتتمثل في تعيينهم في وظائف» في حملتها. وربما يساعد قادة الحزب أيضاً في تخفيف التوترات. وفي عام 2008؛ أقرَّت كلينتون ترشيح منافسها الحزبي والرئيس الحالي، باراك أوباما، في الانتخابات العامة بعدما تجاوزها في التمهيدية، ما وحَّد الحزب رغم مخاوف سادت آنذاك من انقسامات داخلية. إلى ذلك؛ ألمح مقربون من السيناتورة، إليزابيث وارين (66 عاماً)، إلى دراستها فكرة ترشحها نائبةً لكلينتون رغم تلمسها عقباتٍ تعترض هذا الخيار. وشرح أحد المصادر أن وارين لا تزال تخشى الانضمام إلى المرشحة الديمقراطية المحتملة في بطاقةٍ انتخابيةٍ واحدة؛ لأسبابٍ منها «التشكك في أن ترشُّح امرأتين سيمنح الديمقراطيين فرصةً أفضل لهزيمة المرشح الجمهوري المفترض». ويُجري مستشارو وارين، وهي منتقدة قاسية لسياسات وول ستريت وشخصية تحظى بالشعبية في أوساط التقدميين، اتصالاتٍ مكثفةٍ مع حملة كلينتون. وأبانت المصادر أن المحادثات أصبحت أكثر كثافة في الأسابيع القليلة الماضية. وأشارت المصادر إلى تحدُّث وارين مع مقربين منها عن اهتمامها بفكرة أن تصبح نائبةً لكلينتون «لكنها لم تناقش الأمر لا مع المرشحة ولا مع أي شخص آخر من حملتها». ووارين كانت من أشد الديمقراطيين انتقاداً لترامب، وهي ملتزمة، كما تقول مصادر، بطرح أجندة أكثر تقدمية من مرشحة الحزب المحتملة وبالمساعدة في هزيمة مرشح الجمهوريين. وتوقَّع أحد المصادر التصديق على ترشيح كلينتون، الداعية إلى وحدة الديمقراطيين، خلال أسبوع أو اثنين. وفي مطلع الأسبوع؛ شددت وارين، في تغريدةٍ على «تويتر»، على أهمية تكاتف الحزب لهزيمة ترامب. وكتبت «دونالد.. استعد نحن قادمون». وظلت وارين، التي تمثل ماساتشوستس في مجلس الشيوخ، على الحياد في بداية السباق الديمقراطي، وكانت المرأة الوحيدة في المجلس التي لم تلقِ بثقلها خلف أول مرشحة في الانتخابات الرئاسية عن حزبٍ كبير. وفي حال انضمامها إلى بطاقة كلينتون الانتخابية؛ فقد تساعد في تحفيز التقدميين وكسب أصوات أنصار ساندرز. وتنسجم دعوات ساندرز لكبح جماح «وول ستريت» وتفكيك البنوك الكبرى مع آراء وارين. ويكتسب الخلاف الدائر مع ترامب زخماً على مواقع التواصل الاجتماعي. وكتبت وارين سلسلة من التعليقات وصفت فيها رجل الأعمال وقطب العقارات بأنه عنصري مولع بالجنس ويعاني من رهاب الأجانب، مؤكدةً أنها ستخوض معركةً لتضمن أن «المزيج السام من الكراهية وانعدام الأمن الذي يمثله لن يصل أبداً إلى البيت الأبيض».