لم تكتف دبي بطفرة المراكز التجارية الكبرى والمنتجعات الفاخرة خلال أعوام قليلة واستقطابها الملايين من السياح، بل تمضي في مشاريع ضخمة لبناء متنزهات ترفيهية وفنادق جديدة لجذب المزيد منهم. وعلى رغم أوضاع اقتصادية صعبة في المنطقة سببها تراجع حاد في إيرادات النفط، تبدو الإمارة التي يقيم فيها 2,5 مليوني نسمة معظمهم من الأجانب، واثقة من قدرتها على ابتكار المزيد من عناصر الجذب للسياح. وتسعى دبي التي زارها 14,2 مليون سائح عام 2015، لاستقطاب 20 مليون زائر سنويا بحلول 2020، تزامنا مع استضافتها المعرض الدولي "اكسبو 2020″ الذي تمهد له من خلال حملة ترويجية واسعة. ومنذ أكثر من عقد من الزمن، استثمرت دبي مليارات الدولارات ساهمت في جعلها مركزا إقليميا محورياً للأعمال والسياحة. ووفرت الإمارة ل سكانها وزوارها شبكة بنى تحتية تعد الأفضل في محيطها. كما ساهم الوضع السياسي والأمني المستقر في تعزيز جاذبيتها وملاءمتها للأعمال والسياحة، في ظل الإضطرابات التي تعصف بدول شرق أوسطية. وتتوقع دائرة السياحة والتسويق التجاري ب دبي وصول عدد الغرف الفندقية فيها إلى 100 الف في أيار/مايو، ما سيعزز "موقع الإمارة ضمن الوجهات العشر الأولى عالمياً " لجهة عدد الغرف الفندقية المتوافرة. وبلغت نسبة أشغال الفنادق 85 بالمئة في الربع الاول من 2016، ومعدل العائدات من كل غرفة متوافرة 142 دولارا في الليلة الواحدة. وتسعى دبي إلى استقطاب سياح من خارج "الاسواق" التقليدية كالدول الخليجية والمجاورة، بحسب ما يؤكد مسؤولون لوكالة فرانس برس. ويقول رئيس دائرة السياحة والتسويق عيسى كاظم : إذا اعتمدنا على الأسواق التي اعتدنا عليها، لن نستفيد، يجب أن نكبّر نشاطات التسويق". وبلغ عدد السياح القادمين من دول مجلس التعاون الخليجي 3,3 مليون شخص في 2015، بزيادة 12,8 بالمئة، ما يجعل منهم الكتلة الإقليمية الأكبر، وكان الجزء الأكبر من هؤلاء سعوديين (1,54 مليون). إلا أن عدد السياح من دول أخرى يشهد أيضا ارتفاعاً، فالعام الماضي بلغ عدد السياح الهنود 1,6 مليونا، بزيادة نسبتها 26 بالمئة عن 2014، ليشكلوا بذلك أكبر كتلة سياح من جنسية واحدة. وحل البريطانيون في المركز الثاني بعدد بلغ 1,2 مليون، بزيادة 11 بالمئة. وتلائم الأعداد المتزايدة استراتيجية دبي، إذ يؤكد كاظم أن السلطات لا ترغب فقط ب "التركيز على ست أسواق أو سبع.. نريد أن نركز على عشرين سوقا". - متنزهات ترفيهية – وإضافة إلى الفنادق والمراكز التجارية الكبيرة، والمنتجعات السياحية الراقية، تعمل دبي حالياً على إنجاز متنزهات سياحية ذات موضوع محدد. ف على مرمى حجر من ميناء جبل علي الأكبر في المنطقة، ومطار آل مكتوم الذي سيصبح عند إنجازه الأكبر في العالم، تبني "دبي باركس" ما سيصبح "أكبر متنزه ترفيهي مدمج" في المنطقة. ويمتد المشروع الضخم على مساحة 2,32 مليونين متر مربع، وسيضم ثلاثة متنزهات ترفيهية ومتنزهاً مائياً. ومن هذه المتنزهات "متنزه بوليوود" الأول في العالم الذي يحتفي بالسينما الهندية، ويؤمل من هذه المنشأة التي ستضم صالات سينما ونشاطات ترفيهية أخرى، أن تجذب سياحاً من جنوب شرق آسيا. ويقول المدير العام ل "بوليوود باركس" توماس جيلوم "نحاول أن نستهدف منطقة جغرافية واسعة، لكن بالطبع الغالبية ستكون من الهند والدول المجاورة لها، والتي تحب بوليوود بشكل كبير". وإلى جانبه، يقام "موشينغيت دبي" بتعاون بين ثلاث شركات انتاج سينمائية. وسيضم مسارات أفعوانية تحمل الزوار في رحلات عبر تصاميم تحاكي 13 فيلما شهيراً، مثل "قرية السنافر" و"مدغشقر" و"كونغ فو باندا". ويقول المدير العام ل "موشينغيت دبي" غيدو زوكي "هدفنا الجميع"، ويضيف "نعتبر أننا سنغني السياحة في دبي، ونأمل في ان نعززها". وستضاف متنزهات "دبي باركس" للائحة طويلة من المواقع الترفيهية موجودة منذ أعوام في دبي وتستقطب العديد من السياح، مثل منحدر مغلق للتزلج، وحلبة للتزحلق على الجليد، ومتنزهين مائيين كبيرين. وعلى رغم وصول أعداد السياح إلى مستويات قياسية، إلا أن سلطات دبي غير قلقة من بلوغ قدرة الإستقطاب السياحية حدها الأقصى، وتؤكد أن استراتيجية زيادة الفنادق والمتنزهات ستساهم في رفع عدد الزوار. ويقول كاظم "نعمل على خطة استراتيجية لفترة طويلة"، مؤكداً على سبيل المثال أن "عدد الغرف (الفندقية) لا يزيد قبل أن نرى عدد الزوار" يرتفع. ويشير إلى وجود "حوار دائم بين القطاع الخاص والحكومي" تطرح فيه خطط التوسع لبحث جدواها ومدى ملاءمتها زيادة الطلب والإقبال. ويعتبر زوكي أن دبي قادرة على استيعاب المزيد من مساحات الترفيه. ويقول أن "السياح الذين تجذبهم دبي كل سنة، إضافة إلى الذين يتوقع قدومهم في السنوات المقبلة، سيكفون بالطبع لخلق وجهة مهمة في هذه المنطقة، ليس فقط لغرض السياحة، بل ايضا للترفيه".