احتجاج واستنكار واستغراب، شجب وتنديد وإدانة، استياء واعتراض وتبرم وانزعاج، استهجان ومطالبة وشكوى، رفض وكدر وحزن. هذه ردود الفعل بعد إطلاق النار على زميل المهنة، وأخي في التخصص. حقيقةً أستغرب أن يأخذ الموضوع كل هذه الأبعاد، وكأنها المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك. لقد تعوَّدنا على ذلك، نحن معشر الصحيين، بل أصبحنا ندير خدنا الأيسر لمَنْ يضربنا على خدنا الأيمن. عشرات السنوات، ومئات الاعتداءات، وفي كل مرة نسمع جعجعة، ولا نرى طحيناً، وشعار المسؤولين: «الصلح خير». مرددين «فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ». ليتمادى المراجع، وتزيد جرأة المريض وذويه، ويصبح أفراد الفريق الصحي لقمة سائغة. وأبشركم، عفواً أحذركم، من أنها لن تكون الأخيرة، وبغض النظر عن قلة الأصوات الشاذة، ومهما كان الفعل، هل يستحق الضرب بالنار؟ وهل هانت أرواح العاملين الصحيين لتقوم رصاصة خرجت من يد طائش بإنهائها بشكل عبثي لم يراعِ فيه حق النفس التي حرَّم الله قتلها إلا بالحق، ولم يحترم قوانين بلدي الأمين؟ إلا أن المشكلة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، لكن الحل بعيد المنال، فبعضهم ينادي بإنشاء جمعية للدفاع عن حقوق الممارسين الصحيين في ظل صمت القطاعات الصحية! وآخرون يقترحون تدريب الفريق الصحي على فنون القتال، وتسليحهم! في حين يرى كثيرون ضرورة نشر التوعية، وزرع الثقة بين الطرفين، أما أنا فأرى كف يد كل صحفي غير متخصص عن الكتابة والفتوى فيما يجهل، لنحدَّ من إثارة المريض ورفاقه وهيجانهم ضد الفريق الصحي. طبقاً لدراسة محلية، فإن أكثر من ثلثي الأطباء يتعرضون إلى العنف، فكيف الحال بالتمريض، والفئات الصحية الأخرى؟! في أستراليا يُحكم ب 14 سنة سجناً على المعتدي على الفريق الصحي. بالأمس بكينا البدلات، واليوم نبكي زملاءنا، وكل ما نحتاجه غداً هو بيئةٌ آمنةٌ، نقدم فيها خدمة أفضل، وذلك لن يتأتى إلا بقرار حازم من سلمان الحزم، حفظه الله.