بما أننا من عشّاق الماضي والباكين على الأطلال والمرددين قفا نبكِ من ذكرى طبيب (عفواً حبيب) ومنزل، دعونا نذهب للعصور الجميلة ونقف على مكانة الأطباء، فقد كان الطبيب ذا مكانة عالية في الحضارة الإسلامية، وكان يطلق عليه لفظ الحكيم، إذ إن الحكمة كانت تشعّ من أقواله وأفعاله، ويقول شيخ أطباء المسلمين، أبوبكر الرازي (308ه) في كتابه «أخلاق الطبيب»: «إن للأطباء فضلاً لم يجتمع لغيرهم، وذلك لاتفاق أهل الدين وأهل الملك وأهل الدولة على تفضيل صناعتهم على سائر الصناعات، واعتراف الملوك والعامة بشدة الحاجة إليهم». ماذا عن مكانة الحكيم في هذه الأيام، إنه يدفع ضريبة المدنية والحضارة التي يحاول جاهداً الاستمتاع بها لدرجة أنه يدفع غالي الأثمان، مع الأسف لا يمرّ يوم إلا ونسمع أو نقرأ في الصحف أو النت عن اعتداء إما بالضرب المبرح أو الشتم النابي بعبارات يتفنن صاحبها في اختيارها، من قِبل بعض المرضى أو مرافقيهم أو المراجعين، معللاً فعلته بإهمال الطبيب أو التأخر أو...، ناهيك عن هجوم بعض الكتاب والصحفيين بين الحين والآخر دون علم وربما نقلاً عن وكالة يقولون. ومهما تكن الأسباب فليست مبرراً للاعتداء على الطبيب، وتحويله من طبيب يداوي إلى مريض أو مُقعد ينشد العون والدواء. وربما يأتي الاعتداء مفاجئاً لا يستطيع معه الطبيب المسكين الدفاع عن نفسه ناهيك عن الرد. ومع علمي أن الحال سيظل على ما هو عليه وعلى الطبيب التمسك بالحكمة، وحتى يتم تأسيس جمعة العنف ضد الأطباء، أنصح معشر الأطباء بالانخراط في دورات تعليم فنون القتال، والتسلح ببعض الأدوات الطبية كالمطرقة والمشرط وغيرها.