قرائي الأعزاء: وحينما نقف وقفة تدبر مع أهم القنوات المسؤولة في التربية في المجتمع نرى أن البيت هو القاعدة الأساسية للتربية، فالأسرة هي النواة الأولى في القيام بالعملية التربوية، ويبدو ذلك من اختيار الزوجة الصالحة ذات المنبت الحسن والمعدن النفيس، حين تعد الزوجة لتكون مربية فضلى، ومدرسة أولى، ويتدرج ذلك حين يفتح الطفل عينيه في أحضان أبويه، ليجد العناية المعنوية، والتربية الإيمانية قبل العناية المادية، انطلاقاً من الواجب الإسلام في ذلك يقول ربنا: (ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا)، يقول أهل التفسير: أي علموهم وربوهم وأدبوهم مما يكون وقاية لهم من عذاب الله، ثم هنا سؤال مهم أطرحه وأخصصه على أخواتي النساء: فأقول: من يُعلم الطفل أولى كلماته؟ ومن يقوم بحمله وتغسيله وإعداد طعامه؟ من ومن ومن؟… أسئلة كثيرة تبحث عن جواب، ولا شك أن الإجابة ستكون منكن بصوت واحد إنها الأم، ولكن في هذا الزمن الذي عظمت غربته واشتدت كربته وساءت أحواله أصبحت الإجابة غير ذلك، فأقولها وبحرارة وبأسف شديد إنها الأم ولكن ليست الأم الحقيقية، ولكنها البديلة، إنها الخادمة، وما أدراك ما الخادمة؟! ولأهمية هذا الموضوع صار محور حديثي معكم: حيث إن بيوتنا قد امتلأت بالخدم والحشم، أحببت أن أذكر بعض الضوابط والقصص المناسبة حول هذا الموضوع، وكذا بعض الحقوق المهمة التي قد نتناساها، وفي غفلة الأم وانشغالها عن طفلها أصبح الطفل إلى الخادمة، وقد يبكي لفراقها، وليس الغريب أن يكون عند أكثر البيوت خادمة، بل ولن أقول لكم لماذا عندكم خادمة ولا تحضرون الخادمة؛ لأن الخادمة الآن موجودة وكأنها قد فرضت علينا، وهذا واقع لابد أن نقر به شئنا أم أبينا، وقد ابتلينا به والله المستعان، بل لا يكاد يخلو البيت من تلك الخادمة، وقد يستغرب من بيت لا يوجد به خادمة، وهذا سبب لعدة عوامل، فمن ذلك الطفرة الاقتصادية التي نعيشها منذ عقدين من الزمن، ودخول المجتمع في عصر الترف واتساع وتعدد مجالات عمل رب الأسرة، وخروج المرأة وغيابها عن المنزل لعمل أو نحوه وتقصير بعض الزوجات في واجباتهن المنزلية، واتجاه كثير من الأزواج لراحة الزوجة، وغيرها من العوامل، ولأجل ذلك لن أناقش هذا الأمر. قرائي الأكارم: لماذا لا تكون لنا ضوابط نسير عليها في اختيارنا للخادمة (لأنها سوف تكون أحد أفراد المنزل، تعيش معهم، وتأكل معهم، وتطلع على أسرارهم، وتعلم خفايا غرفهم، وتسمع وترى فرحهم وترحهم، ومن السفه ترك المواصفات مثل الدين والخلق وتجاوزها إلى الحرص على أن تكون ماهرة في الطبخ وجميلة أو نحو ذلك)، ومن ذلك تجد بعض الناس قد يتساهل فيختار الكافرة على الاستقدام ويفضلها على المسلمة، وهذا أمر خطير ومنكر كبير؛ لأن ذلك يقضي إلى موالاة الكفار بالنفقة عليهم والاطمئنان لهم، وإن أعظم الخطر يكون على الأطفال؛ لأنهم يجهلون أمور الدين فيسهل التأثير عليهم فيتعلمون طقوس بعض الديانات الباطلة، فبعض الفتيات شوهدت وقد علقت في رقبتها الصليب، وعندما سئلت عن ذلك أجابت بأنها هدية من الخادمة التي عندهم، وقد شوهد في بعض بيوت المسلمين بعض أطفال يؤشرون بعلامة التثليث على الرأس وجانبي الصدر كما يفعل النصارى، وذلك اقتداء بذلك السائق أو الخادمة، ومن الضوابط التي يجب توفرها في الخادمة شرطان أساسيان وردا في قوله (إن خير من استأجرت القوي الأمين) فالقوي إشارة إحكام في العمل والمهارة فيه، والأمانة إشارة إخلاص العامل في عمله برعاية حدود الله تعالى ورعاية حق المخدوم. وللحديث بقية في لقائنا القادم إن شاء الله.