حثَّ الأزهر والكنيسة في مصر على الهدوء ووحدة الصف بعد أحداثٍ عنف بين مسلمين ومسيحيين في محافظة المنيا، في وقتٍ أوقفت فيه السلطات 8 متهمين بمهاجمة منزل أسرةٍ مسيحية. وشدَّد الأزهر على وجوب «تفويت الفرصة على المتربصين بأمن وطننا واستقراره». ودعا إلى «ضرورة الالتزام بوحدة الصف وإعمال القانون». ووصفَ، في بيانٍ له، المصريين ب «نسيج واحد لا يجب أن تؤثِّر فيه أفعال آحاد الناس ممن لا يُحكِّمون عقولهم عند نشوب خلافاتٍ قد تحدث بين أفراد الأسرة الواحدة». وعبَّر الأزهر عن ثقته في قيام السلطات بواجبها كاملاً. في الوقت نفسه؛ طالب بابا الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، البابا تواضروس، بالهدوء. وأعلن أنه سيتابع الأمر مع القيادات السياسية والأمنية. وحثَّ على «ضرورة ضبط النفس والتعقل والحكمة والمحافظة على السلام الاجتماعي والعيش المشترك». وكان مسلمون اتُهِموا بتجريد مسيحيةٍ عجوز من ملابسها في قرية الكرم في المنيا (جنوب) ثأراً من ابنها الذي قيل إنه أقام علاقةً بفتاة مسلمة. واندلعت اشتباكاتٌ في القرية مساء الجمعة الماضية بعد أيامٍ من تردُّد أحاديث عن هذه العلاقة. وذكر شهود عيان أن مسلمين جرَّدوا والدة المسيحي من ملابسها خلال الاشتباكات التي أسفرت عن إصابة شخصين وإحراق منازل عددٍ من المسيحيين. وقوبل ذلك برد فعل غضب بين المسيحيين والمسلمين. وكانت مطرانية المنيا وأبو قرقاص، التي تتبَعُها الكرم، أشارت في بيانٍ الأربعاء إلى تعرُّض المسيحي لتهديداتٍ دفعته إلى مغادرة القرية. ونسبت المطرانية إلى مجموعةٍ يُقدَّر عددها ب 300 شخص أنهم خرجوا مساء الجمعة وهم يحملون أسلحة متنوعة «فتعدّوا على 7 من منازل الأقباط حيث قاموا بسلبها وتحطيم محتوياتها وإضرام النار في بعضها». وجاء في البيان «كما قام المتعدون بتجريد سيدة مسيحية مسنَّة من ثيابها هاتفين ومشهِّرين بها أمام الحشد الكبير في الشارع». وأعلن محافظ المنيا، طارق نصر، في بيانٍ أمس رفض السلطات أي «تجاوزات أو سلوكيات غير مسؤولة». فيما أفاد إيهاب رمزي، وهو محامي السيدة المسيحية (70 عاماً)، بأنها تتهم 3 مسلمين بتعريتها وسحلها أمام منزلها الذي أُحرِق. وبلهجةٍ عاميّة؛ أبلغت المرأة «رويترز» بقولها «بهدلوني .. حرقوا البيت ودخلوا جابوني من جوَّه ورموني قدام البيت ومزَّعوا هدومي زي ما ولدتني أمي وأنا بصرخ وابكي». وتابعت «ناس جيراني خدوني جوه بيتهم، أخدت جلابية قديمة ولبستها». إلى ذلك؛ أكدت مصادر أمنية إلقاء الشرطة القبض على 8 رجال، فيما أمرت النيابة العامة بحبسهم على ذمة التحقيق. ولفتت المصادر إلى إصدار النيابة أمراً بضبط وإحضار 18 شخصاً آخرين. وفي البرلمان الواقع في وسط القاهرة؛ قدَّم 10 أعضاء طلباً لاستجواب وزير الداخلية، اللواء مجدي عبدالغفار، حول الأحداث. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر مسؤول في النيابة العامة قوله «السيدة جاءت إلى النيابة الأربعاء وقالت أمامها إن أهالي مسلمين غاضبين هاجموا بيتها بحثاً عن ابنها وعندما لم يجدوه اشتبكوا معها وأثناء ذلك تمزقت ملابسها». وذكر المسؤول أن «السيدة المسيحية قالت إن الواقعة كلها حدثت داخل المنزل وليس في الشارع واتهمت في ذلك 3 شباب من أصل 8 مقبوض عليهم في واقعة الهجوم على المنزل، كما قالت إن أحد المتهمين الثلاثة قام بتغطيتها». وتتبع الكرم مركز أبو قرقاص في المنيا (قرابة 240 كم جنوبي العاصمة). ويُشكِّل المسيحيون نحو 10% من سكان البلاد البالغين قرابة 90 مليون نسمة. وتنتشر الشرطة حالياً في القرية للحيلولة دون تصعيد الأمور، بحسب ما أفاد مسؤول أمني. وتنتهي كثيرٌ من الأزمات الطائفية في مصر بجلساتٍ عرفية ودية.