قمت بزيارة عاجلة قبل فترة إلى مدينة مانشستر البريطانية، وما إن وصلت حتى حصل رهان بيني وبين أحد المقربين، حيث تحداني أن أشاهد حادثاً مرورياً واحداً، أو مجرد مخالفة بسيطة خلال مدة زيارتي، وبالفعل وحتى مغادرتي بعد انقضاء مدة الزيارة لم أرَ حادثاً واحداً، بل ولم أسمع حتى منبه سيارة عابرة، أو فوضى تعم الطريق بتاتاً، وكسب صاحبي الرهان. الحقيقة ما دعاني إلى كتابة ما سطرته سابقاً، هو عرض بعض القنوات الفضائية، وعدد من الصحف خبراً مفاده أن الشهر الماضي «إبريل 2016» شهد تسجيل 45 ألف حادث مروري في المملكة، وبالمناسبة لم أشعر بشيء غريب يحصل في إبريل لأنني أتعايش يومياً مع ما يحدث في شوارعنا وتقاطعاتنا وطرقنا «الموقرة»، التي تعاني من تلك المهازل بشكل دائم، خاصة في المناطق النائية، والصغيرة، وبعض المحافظات في مملكتنا، حيث نشاهد بشكل اعتيادي مَن يتجاوز ضعف السرعة المحددة، أو يزيد عنها، كما نرى مَن يعكس شارعاً، أو يصعد رصيفاً، أو يعيق حركة السير، أو يقطع إشارة أمام الجميع، وكأنه على حق في صمت ظل مطبق من «المتفرجين»، بل وترى صغاراً لم تتجاوز أعمارهم عشر سنوات يجوبون الشوارع والطرقات دون مبالاة، أو خوف من أحد… ولا حياة لمَن تنادي. وهذا ما يجعلني أقول: إن تلك الحصيلة، وذلك الرقم المخيف، لم يكن غريباً عليَّ طالما أن هذا حال أغلب شوارعنا ومناطقنا في ظل عدم فرض رقابة صارمة، وعدم تنفيذ نظام المرور بشكل كامل، وعدم نشر كاميرات المراقبة في كل الشوارع، وعدم سحب رخص القيادة، وعدم التوقيف المخالفين بصورة جادة وصارمة، وكذلك عدم سحب المركبة المخالفة، في ظل حضورٍ طاغٍ للاعتبارات الشخصية والمحسوبيات، وعدم ربط العقاب بمركزية التنفيذ المباشر. أعتقد أن القارئ الكريم عرف الآن لماذا أوردت في بداية مقالي قصة الرهان بيني وبين صاحبي. علينا أن نعي أن تطبيق النظام المروري والرقابة المشددة هو السر في منع الحوادث عندنا.