بالأمس تكلمت عن عدم اقتناعي بقرار تقليص الأجانب في الأندية إلى 3 أجانب. شخصياً، أؤمن أن لاعبينا المحليين وصلت أسعار عقودهم إلى المبالغ الخيالية التي نشاهدها لأسباب لا تمت للمقاييس الفنية بصلة. فأسعار من هم بمستوى وقدرات لاعبينا في أي مكان آخر في العالم لا يمكن أن تصل إلى نصف هذه المبالغ. وبطبيعة الحال أي دوري أو إتحاد يحرص عند سن قوانين للاستعانة بالأجانب على أن يساهم هؤلاء الأجانب المحترفين في تطوير اللعبة في البلد مع الأخذ بالحسبان مهمة الحفاظ على المواهب الشابة الوطنية وضمان أخذها لفرصتها. محلياً، خيارات النجوم محدودة، فالأكاديميات والاهتمام بلاعبي الفئات السنية شبه معدوم، وإنتاج المواهب أصبح يقتصر على أندية معينة تقوم فيما بعد ببيع هؤلاء النجوم على الفرق الكبرى التي تبحث دوماً عن اللاعب الجاهز. ففي كل موسم لا نجد أكثر من 3 إلى 5 أسماء محلية بارزة تتسابق الأندية على التوقيع معهم. مما ينعكس على أسعار عقودهم التي سترتفع لعدم وجود خيارات متعددة للشراء في سوقنا الكروي المحلي وفقاً لقلة العرض وارتفاع الطلب! فمثلاً حاجة الهلال هذا الموسم لظهير أيمن أوصلت قيمة انتقال ياسر الشهراني من القادسية لمبالغ خيالية لم تقبل من ناديه، مرد ذلك برأيي هو عدم وجود لاعبين آخرين “جاهزين” في ال12 نادياً المتبقية يمكن للهلال التوقيع مع أحدهم. وفي الجانب الآخر، سوق المحترفين الأجانب خياراته المتاحة أكبر بالتأكيد وبقيم مختلفة ومتفاوتة غالباً. إذا كان الإتحاد السعودي يرى أن أنديتنا تمارس هدراً مالياً في اختيارها للمحترفين الأجانب –وهو المبرر الذي استند عليه في قراره-، فإنه من الممكن أن يضبط التعاقدات بمعايير مالية أو فنية دون أن يجبرها على تقليص العدد. أما إذا كان الهدف هو مزيد من الاهتمام بإعطاء الفرص للمواهب الوطنية، فإن الأجنبي الرابع ليس إلا عامل “واحد” ضمن عدة عوامل “قد” تحجب الفرصة عن اللاعب السعودي. لنتحدث عن معايير التعاقدات، في إنجلترا لا يستطيع أي نادي أن يوقع مع لاعب أجنبي من خارج دول الإتحاد الأوروبي إلا عندما يتجاوز معايير محددة أهمها أن يكون متوسط تصنيف فيفا لمنتخب بلاده في السنتين الأخيرة لا يتجاوز المرتبة 70، وأن يكون اللاعب قد شارك في 75% من مباريات منتخبه التي كان اختياره متاحاً فيها. وإذا لم يحقق اللاعب هذه المعايير يحق للنادي تقديم استئنافه إن رأى أن اللاعب المراد التوقيع معه هو موهبة خاصة وستساهم في تطوير اللعبة في البلاد! المنطق يقول أن مثل هذين الشرطين تحديداً لن تتماشى مع واقعنا لصعوبتها، لكننا بكل تأكيد نستطيع أن نسن شروطاً أخرى لضبط عملية استقطاب اللاعبين الأجانب، كتحديد عدد أدنى من المباريات الدولية الملعوبة، أو اشتراط مشاركة اللاعب أساسياً مع ناديه السابق في حد أدنى من المباريات، وهي معايير قد تحدد وتصنف بحسب البلد، فاللاعب الاحتياطي في الدوري الإيطالي ليس كالاحتياطي في الدوري الإكوادوري! ويمكن للإتحاد السعودي كذلك تنظيم عملية التعاقد بحيث لا يسمح لأي فريق بجلب أكثر من لاعب في خانات معينة نحتاج لدعم شبابنا فيها، أو بالإبقاء على أربعة أجانب مع السماح لثلاثة فقط بالمشاركة خلال أي مباراة محلية، فبذلك ستتمكن الأندية من إشراك لاعبيها الأربعة في مشاركتها الآسيوية، ونضمن إتاحة خانة إضافية للسعوديين في المشاركات المحلية. أو أن ييصبح الأجنبي الرابع هو ميزة أو حافز إضافي لأي نادي يقوم بتصعيد عدد معين من اللاعبين الشباب بالموسم، وهنا أتذكر خبراً سبق أن قرأته عن مقترح في الدوري الجنوب أفريقي في حالة شبيهة كان سيلزم الأندية باللعب بما لا يقل عن خمسة لاعبين محليين لا تتجاوز أعمارهم ال23 سنة. هي أدوات وحلول متعددة يمكن دراستها ودراسة أسباب الإخفاق بعناية حتى نصل للمسببات ونعالجها! أخيراً، أنا أرى أن تقليص الأجانب لن يكون حلاً خاصة إذا كان تحت ذريعة (عدم تحقيق الفائدة المرجوة) التي لا ينبغي أن تحمّل مسؤوليتها فقط على وجود لاعب أجنبي رابع، بل تتحملها كل الأطراف التي يجب أن تبذل جهوداً أكبر داخل وخارج الملعب في سبيل إبراز المواهب الشابة التي تقع عليها أيضاً مسؤولية مضاعفة جهدها لتطوير أدائها وإثبات نفسها.