شهدت مدينة حلب أمس يوماً هادئاً نسبياً بعد تسعة أيام من القصف الجوي المكثَّف من الطائرات الروسية وطائرات الأسد الحربية، تسبَّب بعشرات المجازر في حق المدنيين العُزَّل في جميع أحياء المدينة، ولم يسجِّل أمس أي استهداف لأحياء مدينة حلب المحررة حتى الساعة من الطائرات الحربية أو المدافع الثقيلة ما عدا غارة ليلية استهدفت مستودعاً للإغاثة في حي الميسر تسببت في حريق كبير وإتلاف المواد الغذائية. ولم تشن صباح أمس أي غارة على أحياء المعارضة في حلب، لكن الشوارع كانت مهجورة، إذ إن أحداً لا يجرؤ على الخروج خوفاً من ضربات جديدة. وكانت الولاياتالمتحدة دعت السبت إلى وقف عمليات القصف على مدينة حلب المدمرة وتثبيت وقف إطلاق النار في كل أنحاء سوريا، وذلك قبل وصول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس إلى جنيف لإجراء محادثات طارئة حول النزاع السوري. من جهتها أعلنت روسيا أمس أن محادثات جرت أمس للتوصل إلى وقف للمعارك في محافظة حلب، وذلك بعدما دعت الولاياتالمتحدة إلى وضع حد لقصف النظام السوري للمدينة. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن الجنرال سيرغي كورالنكو، رئيس المركز الروسي لمصالحة الأطراف المتحاربة في سوريا الذي أنشأه الجيش الروسي لمراقبة الهدنة، قوله إن «هناك مفاوضات نشطة تجري حالياً لفرض الهدوء في محافظة حلب». وفي حين تبقى عملية السلام معلَّقة بخيط رفيع، يصل كيري إلى جنيف للتباحث مع مبعوث الأممالمتحدة ستيفان دي ميستورا ونظيريه السعودي والأردني حول وقف إطلاق النار والانتقال السياسي في محاولة لإنهاء حرب قتل فيها مئات الآلاف منذ عام 2011. ودخلت الهدنة حيِّز التنفيذ في 27 فبراير بمبادرة من واشنطن وموسكو الداعمتين لطرفي النزاع في سوريا، لكن المعارك في حلب والغارات التي يشنها نظام الرئيس بشار الأسد منذ 22 إبريل تشكِّل انتهاكاً. وعقد كيري محادثات الجمعة والسبت عبر الهاتف مع دي ميستورا، ومنسق المعارضة السورية رياض حجاب، وقال»إن وضع حد للعنف في حلب والعودة في نهاية المطاف إلى وقف دائم (للأعمال العدائية) هما أولوية». وقرّر كيري دعوة روسيا إلى «اتخاذ التدابير اللازمة لوقف انتهاكات النظام، خصوصاً الهجمات العشوائية على حلب». وكانت روسيا، حليفة الأسد القوية ويتهمها الغرب بقصف فصائل المعارضة، أعلنت السبت أنها لن تطلب من النظام التوقف عن قصف حلب. والسبت، أدت نحو ثلاثين غارة شنها النظام على مناطق المعارضة إلى سقوط عشرة قتلى، بينهم طفلان، بحسب الدفاع المدني في الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة في حلب، حيث لا يزال يقيم نحو 200 ألف شخص. من جهة أخرى قدَّمت ميليشياتٌ تابعة لقوات الأسد مؤخراً، منازل أهالي مدينة تدمر التي استولت عليها، إلى ميليشيات أخرى أجنبية، ك»هدية» لمشاركتها في معارك السيطرة على المدينة، حسبما أفادت وكالة سمارت للأنباء نقلاً عن ناشطين. وقالت الوكالة إن ميليشيات الأسد منعت المدنيين من الدخول إلى منطقة الجمعية الغربية والمتقاعدين، حيث انتشر القناصون في أسطح المنازل، وأحاطوا منطقة المضمار المقابلة للجمعية بالحواجز، كما بنوا فرناً صغيراً، و مستشفى ميداني لخدمتهم. وأضاف الناشطون: «لا يملك أهالي البيوت قدرة على ردع ميليشيات الأسد عن نهب وسرق منازلهم وممتلكاتهم، مهدية إياها لميليشيات غير سورية، من أفغان وإيرانيين وروس». وتعيش عائلات المدينة ظروفاً معيشية صعبة للغاية، دون توفر الماء والكهرباء أو أي من سُبيل للحياة فيها، اذ يعتاشون فقط على الوجبات الغذائية التي يقدِّمها الهلال الأحمر. ويبلغ عدد سكان تدمر 90 ألف نسمة، خرج معظمهم من منازلهم، لا يحملون معهم أي شيء، إثر قيام قوات الأسد وسلاح الجو الروسي بقصف المدنيين والمنطقة الأثرية فيها.