النسر طائر معروف بقوته وحدة بصره وهيبته، بعد أن يبلغ من العمر ثلاثين عاماً، تبدأ قوة مخالبه تضعف، وأجنحته تبدأ تلتصق بصدره فيصعب عليه الطيران لارتفاعات عالية والتحليق طويلاً، ومنقاره المدبب القوي يضعف كذلك، هنا يكون أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الاستسلام للموت أو يعيد تقوية بدنه ونشاطه ليعيش، وعند اختياره الطريقة الثانية فإنه يدخل مرحلة صعبة في حياته؛ حيث يذهب النسر إلى قمة جبل حيث عشه، ويعيش هناك فترة لا تقل عن مائة وخمسين يوماً، يقوم فيها بالتغيير الكبير لحياته فيقوم بكسر مخالبه بالضرب على الصخور حتى تنمو مخالب جديدة، وبالمثل يكون الحال مع منقاره، ويقوم بنتف ريشه حتى ينمو له ريش جديد، ليبدأ النسر حياة جديدة ويعيش – بإذن الله – ثلاثين سنة أخرى. حياة النسر تؤكد لنا أهمية أن يجدد الإنسان منا حياته لا ليعيش عمراً أطول -فإن الأعمار بيد الله- ولكن التجديد الذي نعنيه هو الإبقاء على الجسم معافى من الأمراض البدنية والمعنوية، وكما قال أرسطو فإن التغيير محبوب في كل شيء، وكل واحد منا يمر بمراحل عديدة في حياته فعليه أن يكون فيها كالنسر في البقاء قوياً قادراً على أداء مهامه وواجباته بكل كفاءة واقتدار، وحين يشعر أحدنا بالهوان والضعف، عليه أن يتذكر النسر وكيف أنه يمر بمرحلة تجديد القوة البدنية والعقلية، وعلينا أن نجدد حياتنا أولاً بأول، فلا نركن للماضي نتجرع آلامه ومشكلاته، بل نتعظ منها ونعد العدة في حاضرنا لأجل مستقبل أكثر حيوية وأكثر نشاطاً وقوة وإنتاجا. يقول الفيلسوف الروسي ليو تولستوي (الجميع يفكّر في تغيير العالم، لكن لا أحد يفكّر في تغيير نفسه)؛ لذا فعلينا أن نعيد التفكير بين الحين والآخر في حياتنا، فهكذا الإنسان عليه أن يتطور ويتجدد ولا يقف عند حد معين، فشخص واحد عاقد العزم يمكن أن يقوم بعمل تغيير كبير، ومجموعة صغيرة من الأشخاص عاقدي العزم يمكنها أن تغير مسار التاريخ، وعليك أن تكون أنت التغيير الذي تريده للعالم.