أمير جازان يستقبل منسوبي الأمارة المهنئين بشهر رمضان    ضعف المحافظة بسبب هؤلاء!    لجنة وطنية للتمور بمقر غرفة القصيم    رئيس غرفة الطائف: فعاليات وبطولات عربية وعالمية ترفع اقتصاد الطائف 400%    دعم عربي للدولة الفلسطينية ورفض التهجير    أوكرانيا في مأزق بعد تعليق المساعدات الأمريكية    العنف الجنسي يستهدف الأطفال وسط النزاع في السودان    الهلال يسقط وسط الثلوج    التعاون يتعادل والحسم في القصيم    الأهلي يهزم الريان ويرفع الراس    لجنة الانضباط ترفض احتجاج الوحدة وتغرم مدربه بعد مباراة النصر    الموافقة على تنظيم الهيئة السعودية لتسويق الاستثمار    «سلمان للإغاثة» يوزع 450 سلة غذائية في عدة مدن بمحافظة جاوة الوسطى في إندونيسيا    طارق طلبة مديراً لمكتب «عكاظ» بالقاهرة    الهلال يتعثر أمام باختاكور في ثمن نهائي نخبة آسيا    الخارجية الإسرائيلية ترفض الخطة المصرية.. و«حماس» ترحب بمخرجات القمة العربية    الفلسفة في ظل التحولات قصة إعمار وإلهام وطنية    الغول والكحول يؤكدان أن الفصحى لا تتطور    سفرة رمضانية في مناوبة ليلية    أيها الشباب: هرولوا نحو هاوي    العنزي مشرفاً على الاقتصاد الكلي في وزارة المالية    أمير منطقة الرياض يقلّد مساعد مدير مرور المنطقة رتبته الجديدة    التسامح.. سمة سعودية !    سفارة المملكة في السويد تقيم حفل إفطار رمضاني    اتصالات أمريكية أوكرانية لتوقيع اتفاق المعادن    الحقيقة !    الكهولة وزمن النادبات    «الشؤون الإسلامية» تقيم مأدبة إفطار للصائمين بالجبل الأسود    المملكة ترفُض المَساس بوحدة السودان    البشوت النسائية تدخل عالم الموضة وتنافس الرجالية    أول لقاء بين السيسي وأحمد الشرع    خيسوس حزين لخسارة لاعبين بسبب الإصابة أكثر من الهزيمة أمام باختاكور    سماء العُلا يعود في أبريل    فعاليات ثقافية في جدة التاريخية    القبض على إثيوبي في جازان لترويجه مواد مخدرة    غرامة 1,4 مليون ريال لمصنع مستحضرات صيدلانية وإحالته للنيابة    أحياء المدينة تستعيد تقاليدها الرمضانية    4 ملايين فحص لنقل الدم بالمناطق    أمير الرياض: جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن عظيمة في مضمونها ومنهجها وفي عملها    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يعيد الأصالة العمرانية لمسجد الرويبة    «وول ستريت».. السوق متوتر ومستويات القلق للمستمثرين مرتفعة    سعود بن نهار يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية في الطائف الإفطار الرمضاني    سعود بن نايف يستقبل المهنئين في رمضان.. ويطلع على أعمال "الذوق العام"    أمير المدينة المنورة: منظومة متكاملة لخدمة المصلين والزوار    تأكيد سعودي - لبناني على تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة    تجمع الرياض يطلق حملة "صم بصحة"    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    وزيرة الخزانة البريطانية: سنتأثر بالرسوم الجمركية الأمريكية    باختاكور يتفوق بهدف على الهلال في دوري أبطال آسيا    الإيمان الرحماني مقابل الفقهي    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    تعليق الدراسة وتحويلها عن بعد في عددٍ من مناطق المملكة    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بشهر رمضان    قطاع ومستشفى تنومة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    والدة الزميل محمد مانع في ذمة الله    المشي في رمضان حرق للدهون وتصدٍ لأمراض القلب    تأثيرات إيجابية للصيام على الصحة النفسية    قال «معارض سعودي» قال !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نحن نحارب الفساد فعلاً؟
نشر في الشرق يوم 24 - 04 - 2016

سأبدأ مقالي بإجابة مقتضبة على السؤال أعلاه، وهي أننا لم نكن على الإطلاق في مواجهة مع الفساد طوال مراحل التنمية التي مرت بها المملكة العربية السعودية، وأنا هنا أشير إلى المفهوم الحقيقي لمعنى المواجهة، لا إلى الشعارات البراقة التي نزين بها أقوالنا دون أفعالنا.
بل سأكون أكثر صراحة وشفافية وأقول إن ما نعتبره اليوم فساداً لم نكن نسميه فيما مضى بهذا الاسم لولا شجاعة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز – رحمة الله عليه – حينما أطلق جملته الشهيرة بعد كارثة جدة الأولى في عام 2009م بمحاسبة «كائناً من كان» إذا ثبت تورطه في التسبب في تلك الكارثة.
وسأجتهد قدر الإمكان لإقناع القارئ الكريم بصحة ما ذهبت إليه، استناداً على فشل كثير من المشاريع التنموية في كافة المناطق والمدن رغم وجود أجهزة رقابية ترصد المخالفات والتجاوزات والسرقات وكل ما يمت إلى الفساد بصلة، دون أن نشاهد على أرض الواقع أدنى العقوبات الرادعة التي قد تحد من تغول الفساد والمفسدين في بلادنا. ولنكن أكثر صراحة وشفافية ونقر بأن الفساد – في أغلب حالاته – يستمد ديمومته من ثقافتنا السائدة التي تشرعن السرقة والرشوة، وتضفي عليها المشروعية اللازمة تحت مسميات ومسوغات ابتكرناها، بهدف الهرب من وخز الضمير وتأنيبه في لحظات الضعف والانكسار، الأمر الذي أدى إلى استمرائنا خلط المفاهيم وتزييف الحقائق بصورة متعمدة.
كثير منا بدأ حياته العملية وهو محاط بمظاهر الفساد من حيث لا يشعر، خذ على سبيل، أن الموظف الحكومي يبدأ أولى خطواته الوظيفية بالبحث عن توسيع دائرة مصالحه الشخصية منذ سنته الأولى تحت تأثير الثقافة النفعية السائدة في أروقة وزارته، بدلاً من اهتمامه بتطوير قدراته وتوسعة مداركه وتنمية مهاراته، ناهيك عن سيل النصائح التي يسديها إليه أصحاب الباع الطويل والخبرة العريقة في التحايل والالتفاف على الأنظمة والقوانين، وإن كانوا مدفوعين بما يعتقدون بأنها نيات حسنة على اعتبار أننا نعيش في واقع لا تحكمه الأنظمة بقدر ما تحكمه العلاقات الشخصية القائمة على تبادل المنافع بين الأطراف حتى لو كانت على حساب المؤسسة التي ينتمي لها كلاهما، وهي في العرف الوظيفي غير مستهجنة بل هي القاعدة الصلبة التي تقوم عليها سياسة أغلب مؤسساتنا ووزاراتنا منذ مراحل التأسيس الأولى.
لذلك ليس من المستغرب أن ينطلق الفساد من قلب دوائر النفوذ في مؤسساتنا الحكومية ليصيب أهدافه بكل يسر وسهولة، رغم أن آثاره الكارثية باتت واضحة وجلية للعيان، بفضل الثورة التقنية الهائلة التي نقلت أصواتنا من الهامش إلى المتن فجأة دون مقدمات كي نكون في الصفوف الأمامية في الحرب ضد الفساد، رغم أننا لا نمتلك التأثير الكافي من أجل تصحيح مسار التنمية أو على الأقل الرغبة الحقيقية في محاربته، ضمن نطاق محيط كل منا بالأفعال لا بالشعارات الزائفة والمثاليات الكاذبة.
وأصدقكم القول إنني استبشرت خيراً بالحراك الشبابي الذي ملأ الفضاء الإلكتروني جدلاً ونقاشاً حول قضايانا المحورية، لأنه بدا للوهلة الأولى منبراً لكل من يريد أن يحارب الفساد بأشكاله وأنماطه المختلفة. لكن هناك ثمة حقيقة يتجاهلها بعض، وهي أن الحراك الشبابي الذي يقوده طليعة الجيل الرقمي في بلادنا ضد مظاهر الفساد ليس سوى ردود أفعال ينتهي تأثيرها بمجرد انقضاء فترة زمنية كافية على وقوع هذه الحادثة أو تلك الكارثة ثم ما تلبث أن تعود الحياة إلى مجراها الطبيعي كما كانت سابقاً بكل ما فيها من تجاوزات وتعديات صارخة على مقدرات الوطن.
صحيح أن الحملات الشبابية المطالبة بالمساءلة والمحاسبة في وسائل التواصل الاجتماعي استطاعت في قضايا معينة أن تحدث فارقاً جوهرياً عزز من قيمة المسؤولية الاجتماعية على نطاق واسعا إلا أنها ومع الأسف الشديد لم تكن تستند على قاعدة مؤسساتية تنقلها من العمل العشوائي إلى العمل المؤسساتي المنظم كما يحدث في أغلب البلدان الغربية، بحيث تكون وسيلة ضغط على صناع القرار من خلال أنشطتهم وأعمالهم التطوعية التي ترعاها مؤسسات المجتمع المدني بصورة رسمية تحت أنظار السلطات. ولهذا السبب تحديداً، بقيت جذور الفساد متأصلة وممتدة في أغلب مؤسساتنا ومرافقنا الحكومية مما ساهم في إشاعة جو من الإحباط والتشاؤم بين الكفاءات الشابة الطامحة إلى التغيير والنهوض، وهو ما قادها في نهاية المطاف إلى أن تحولت بمرور الوقت إلى شخصيات نفعية كمحصلة طبيعية في ظل الثقافة السائدة.
إننا أيها الأعزاء بحاجة ماسة إلى تأسيس ثقافة جديدة تقوم على المبادئ الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف لا على ما تسول لنا أنفسنا بنسبته إلى الدين، وهو براء منه من أجل الوصول إلى غاية دنيوية ومنفعة شخصية تأتي على حساب الدين والوطن الذي استنزفنا خيراته وثرواته وكأننا أناس طارئون في مسيرته التنموية! وليس هناك مكان أفضل من مؤسسات المجتمع المدني كي تنمو وتترعرع تلك الثقافة إذا كنا صادقين وجادين في حربنا ضد الفساد والمفسدين، فهي الحاضن الرئيس للثقافة الحقوقية في كل المجتمعات التي بلغت شأواً عظيماً في مجالات الرخاء والتنمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.