أكد نائب وزير الشؤون الإسلامية الدكتور توفيق السديري أن الانتماء والمواطنة يحفزان الشعور بالأهمية الشرعية لأن يكون في داخلك انتماء للوطن، والانتماء دائرة مهمة لإدخالك في مجموعة التأثير، على عكس العزلة الشعورية، التي طُرِحت من بعض الحركات أو الجماعات الإسلامية للتنفير من الإيجابية في المجتمع، ما أدى إلى نشوء الأفكار التكفيرية والتفجيرية والغالية في بعض شباب الأمة. جاء ذلك في سياق محاضرة لمعاليه ألقاها بعد صلاة مغرب أمس الأول في جامع الإمام تركي بن عبدالله «الجامع الكبير» وسط مدينة الرياض بعنوان: «شبهات حول الانتماء والمواطنة والرد عليها»، بحضور مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، إلى جانب عدد من الدعاة والأئمة والخطباء وجمع من الناس. وأبان السديري أن من مقتضيات الانتماء والمواطنة حب الوطن والدفاع عنه، وتقديم الغالي والنفيس من أجله في ما ليس فيه مخالفة أو معصية، والسمع والطاعة لولاة أمره، وعدم الخروج عليهم، ولزوم جماعتهم، والمحافظة على مقوماته ومرافقه، وتعزيز وترسيخ مفاهيم الانتماء والمواطنة. وركز السديري في محاضرته على عدد من العناصر هي: تعريف الانتماء والمواطنة، وأهمية الانتماء والمواطنة، وأصول الانتماء والمواطنة من القرآن والسنة، ومقتضيات الانتماء والمواطنة. وعرف الانتماء بأنه الانتساب سواء كان هذا الانتساب لبلد أو قبيلة أو أسرة أو غير ذلك، أي هو علاقة منطقية بين الفرد والمجموع الذي ينتمي إليه، وعكسه اللا انتماء وهو شعور المرء بأنه بعيد عن البيئة التي ينتمي إليها، أما المواطنة لغة فهي: مصدر الفعل «واطن» بمعنى واطنه على الأمر، واصطلاحاً بأنها: التفاعل الإيجابي مع المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان والشعور بالانتماء إليه. وأشار إلى أن أهمية الحديث عن موضوع الانتماء والمواطنة تأتي من أهمية الظرف الراهن الذي نعيشه ونحن نرى التشتت الشديد والتفرق والتنازع من حولنا خارج هذه البلاد المباركة. وقال: إن الانتماء والمواطنة يعني تحفيز الشعور بالأهمية الشرعية لأن يكون في داخلك انتماء لهذا الوطن لبلدك وشعورك بمعنى أنك مواطن، بأنك واحد من أفراد هذا الوطن، لفظان مهمان انتماء ومواطنة، والانتماء دائرة مهمة لإدخالك في مجموعة التأثير، وعكس الانتماء العزلة الشعورية، وفكرة العزلة الشعورية طرحت من بعض الحركات أو الجماعات الإسلامية للتنفير من الإيجابية في المجتمع، يقول هذا مجتمع فاسد وجاهل فعش في عزلة شعورية، تكون معهم بجسدك ولكنْ انتماؤك يكون لجماعتك الخاصة ولفكرها، وهذا العزل الحركي والدعوي هو الذي سبب وجود الأفكار التكفيرية والتفجيرية والغالية في بعض شباب الأمة. بعد ذلك، استعرض نائب الوزير الأثر الذي يترتب على حب الوطن، وقال: إنه أثر عظيم جدّاً، فوجود الانتماء مع الناس يجعل بينك وبينهم شعوراً بأنكم شيء واحد، هذا مهم جدّاً في نشر الدين بقوة، الأثر في الدعوة والخير والإحسان في البذل. وبيّن أن أصول الانتماء والمواطنة من القرآن والسنة النبوية، وقال: نحن ننطلق في جميع أمور حياتنا العامة والخاصة من منطلق أساسي ورئيس لدينا، ألا وهو القرآن الكريم والسنة النبوية، ننطلق من ديننا وعقيدتنا والمنهج القويم الذي قامت عليه هذه البلاد المباركة منذ نشأتها الأولى حتى وقتنا الحالي، فالارتباط بالقرآن الكريم والسنة النبوية مرتكز في أدبياتنا وفي معاملاتنا وفي أخلاقنا ونصدر من خلالهما ونتوقف إذا أمرنا بالتوقف. واستشهد بأدلة من القرآن الكريم والسنة المطهرة عن الانتماء والمواطنة، قائلاً: ذُكر موضوع الانتماء والمواطنة وورد في القرآن الكريم في عدة آيات وأحاديث نبوية، يقول الله – جل وعلا-: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عن الله أتقاكم إن الله عليم خبير»، فالآية الكريمة تدعو الناس إلى الارتباط والانتماء تحت مسمى القبيلة أو الشعب ما لم يكن في ذلك مخالفة للإسلام وتعاليمه وأوامره. وواصل: أما الانتماء إلى الدولة أو الوطن وحبه والدفاع عنه والذود من أجله، فكثيرة هي النصوص التي دعت إليه، والسلف -رضوان الله عليهم- ما تركوا شاردة ولا واردة في هذا الأمر إلا وأصّلوها، وبينوها أفضل البيان وأعظمه، وذلك فيما يتعلق بولاة الأمور والسمع والطاعة لهم وحب الوطن وعدم الخروج على ولاة الأمر، والانتماء إلى البلد معناه الانتماء إلى قيادتها وولاة أمرها والسمع والطاعة لهم في المنشط والمكره.