جدي لوالدتي، رحمه الله، كان متزوجاً من امرأتين، وله أحفاد منهما، وحين كنت في السابعة من عمري، كنا نجتمع أنا، وإخوتي، وأولاد أخوالي من «أشقاء والدتي» في حديقة جدي، ونلعب سوياً، كان ممنوعاً علينا حينها اللعب بالكرة دون علم جدي، وكان هناك حفيد لخالي «غير شقيق لوالدتي» حين كان يعلم أننا نلعب الكرة، يأتي إلينا ويخبرنا بأنه يريد أن يلعب معنا، وبحكم العادة في تلك الأيام، كنا نرفض طلبه كونه ليس ابن أحدٍ من أخوالنا من «أشقاء والدتي»، إلا أنه كان يستخدم عبارة: «تلعبوني وإلا أخرب عليكم». أي أن يخبر جدي بالأمر، ويفسد علينا لعبنا، فكنا نقبل بذلك على مضض كي نستمر في اللعب. هذه القاعدة تنطبق على كثير من الأمور في عديد من المجالات، إن لم تكن كلها، أو معظمها. قبل ما يقارب السنة بدأت شركات مثل: «أوبر»، و»كريم»، و»إيزي تاكسي» بالعمل في السعودية، وهي شركات تعمل بصفة وسيط، فهي تعمل على ربط العميل بسائق السيارة دون عناء الوقوف في الشارع، والانتظار تحت حرارة الشمس، أو الوقوع ضحية مَنْ يبتزه بالأسعار، كما أنها تعمل بأسلوب آمن وراقٍ. هذه الشركات استخدمت ثورة البرامج، وأوجدت لها كياناً من خلال تطبيقات على الهواتف المحمولة، تتيح للعميل طلب السائق خلال ثوانٍ دون تكبد عناء الانتظار، أو دفع مبالغ مضاعفة خصوصاً أن تكلفة المشوار مرتبطة بالمسافة «العداد»، وليست محددة سلفاً، حيث يبتز بعض سائقي التاكسي الركاب لمعرفتهم بحاجتهم إلى الذهاب إلى وجهتهم. على سبيل المثال لا الحصر، كنت أذهب من بيتي في حي العزيزية بجدة إلى شارع التحلية بسيارة الأجرة «الليموزين» بمبلغ 30 ريالاً صباحاً، و40 ريالاً مساءً قبل ارتفاع سعر البنزين، وتكون السيارة في أسوأ حالاتها، وفي المقابل مع استخدامي تطبيق «أوبر»، ورغم ارتفاع سعر البنزين إلا أن التسعيرة تكون في حدود 16 أو 17 ريالاً صباحاً ومساءً، وتكون السيارات نظيفة، وأيضاً يطمئن الأهالي للسائقين، لأن الشركة تضع في تطبيقها اسم السائق، ونوع السيارة، ورقمها، ما يشكل عوامل أساسية في استقطاب العملاء إليها، أضف إلى ذلك نظافة السيارات، الأمر الذي لم نعهده في المواصلات العامة، ولكم أن تجربوا الخدمتين لتعرفوا الفرق بينهما. إلا أن اللوبي الذي يصدر «الفيزة» لمشغلي سيارات الأجرة، هو المتضرر من وجود منافس له، فمدخوله المالي الذي يطلبه شهرياً من سائق الأجرة سيتوقف، رغم أن السائق لا يتقاضى راتباً منه، بل تراه يعمل ليلاً ونهاراً لكي يعطي راتباً ل «سماسرة الفيز». كان الأجدى بتلك الشركات أن تبحث عن تطوير خدمتها، وأسطولها، الذي أكل الدهر عليه وشرب بدل أن «تخرِّب» على الآخرين عملهم، وأن تفتش عن سبب توجه العملاء إلى شركات أخرى، وتسعى إلى استعادتهم بنفس الطريقة التي استخدمتها تلك الشركات، سواء أكانت» أوبر» أم «كريم» أم «إيزي تاكسي»، كما أن المشرِّع الذي استيقظ من سباته، كان الأجدى به أن يوجه لفت نظر إلى لوبي مالكي سيارات الأجرة ويهددهم إما بتحسين خدمتهم، أو إحلال هذه الشركات بديلاً عنهم، فالغرض هو تسهيل أمور المواطنين، وتنقلهم، وليس تسهيل مصالح لوبي «فيز سائقي خردة الأجرة». هذه الأفعال تذكرني بحفيد جدي المتسلط وهو يقول «تلعبوني وإلا أخرِّب عليكم».