أحدهم قد اتخذ مكاناً قصيّاً من الاستراحة إذ كان يقرأ – بصمت – وكان متكئاً فجلس ذلك أنّ ثمّة ما يستوجب رفع الصوت فقرأ «تناقلت – وكالات الأنباء – ما وكّده الباحثون على اختلاف مقاييس الجمال في عالم الحيوان إذ يتمتع الذكور بألوان زاهية ومظهر لافت للأنظار، فيما تفتقد الإناث لجميع تلك المعايير الجمالية، مما دفع العلماء للبحث عن السبب الذي يكمن خلف هذه الظاهرة اللافتة. وكانت محاولات سابقة لتفسير هذا التباين الكبير في الزينة والجمال قد خرجت هي الأخرى ببضع نظريات على مدى السنين، حسب تقرير نشرته صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، الجمعة 18 مارس 2016، وأشار باحثون إلى أن فقدان الجمال لدى أنثى الحيوان قد يكون مرده تجنب «التحرش الجنسي» بها من قِبل الذكور، حيث قال العلماء: إن افتقار الإناث للزخرف مقارنة بالذكور هو وسيلة لتجنب انتباه الذكور غير المرغوب فيه، ويمكن ملاحظة ذلك في أغلب الحيوانات وخاصة الطيور! فالطاووس مثلاً هو أبرز مثال على النظرية السابق ذكرها، إذ يتمتع بريش مزيَّن بألوان زاهية عدة، أما الإناث فغالباً ما يكون ريشها بلون موحّد، وهي ظاهرة تعرف باسم «ازدواج الشكل الجنسي» ويشمل الفروقات في الحجم واللون ووجود أو غياب أجزاء من الجسم. وقالت الدراسة التي نشرت مؤخراً إن «المظهر الممل» للإناث، ليس إلاّ وسيلة من وسائل حماية الذات من التطاولات وتجنب التحرش الجنسي! وأوضح ديفيد هوسكن، الأستاذ بجامعة إكستر قائلاً: نحن لا نقول إن التحرش من قبل الذكور هو التفسير الوحيد لعدم جاذبية الإناث، لكننا نريد أن نلفت انتباه الباحثين إلى أنه أحد العوامل الأساسية…» المصدر: دايلي ميل» وما أن انتهى من قراءته لفحوى الدراسة حتى توالت التعليقات على هذا النحو: * الأول: أفا يا ذا العلم.. طلعت إناثي الحيوانات أعقل من حريمنا.. ياليت إناثنا يتعلمن من إناث الحيوانات والطيور ويحتشمن حتى لا يتعرضن لمن يسيء الأدب بحقهن!! * الثاني: الأجمل في هذه الدراسة أنها من الغرب/ الكافر حتى لا يأتي «ليبرالي» خسيس فيقول: هذه من خرابيط «المطاوعة» ونسج خرافاتهم!! * الثالث: الفطرة لدى حريمنا «المتبرجات بزينة» منتكسة بينما الغريزة لدى «الحيوانات» لم تخرج عما أراده الله تعالى أن تكون عليه الأنثى! * الرابع: – وكان قد تخرّج في كلية الشريعة انتسابا- خلّونا من من أنثى «الحيوانات» ودعوا الحديث في «إناثنا» ذلك أنّ في الأصل عدم الجواز للمرأة أن تخرج من بيتها إلا للضرورة..! * الخامس تعقّبه قائلاً: ما زعمت أنه الأصل هو خطأ بيّنٌ إذ ليس على ما تقول أيّ دليل إلا ماكان تعسّفاً.. ثم ماذا تقول في المرأة زمن النبوة – والقرون المفضَّلة – إذ كانت – كما في الصحاح – تخرج من بيتها لتمارس حياتها – مع وافر احتشامها – أو نسيت ما قالته أسماء بنت أبي بكر: تزوجني الزبير وما له في الأرض مال ولا مملوك، غير ناضح، وغير فرسه، قالت: فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مؤنته، وأسوسه وأدق النوى لناضحه، وأعلفه، وأستقي الماء، وأخرز غربه…..». السادس: ولِمَ فوّت قوله تعالى «وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى»؟! السابع: هذه الآية – مما تعلمته – أنه نزلت في زوجات النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- بخاصة فلا يُلحق معهنّ غيرهنّ إلا بدليل صريحٍ وليس بضرب من تأولٍ مُتكلّف! الثامن: طيب وحديث «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان». وإلى هنا «صمت الجميع» تسليماً للحديث إذ اعتبروه فيصلاً في المسألة.! ولو أني كنت في ذلك المجلس لكنت التاسع فيهم… فأقول: إنّ الحديث لا يصحّ – ولبسط تخريجه موضعٌ آخر – وليس بثابتٍ رفعه إلى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ولئن صحّ عند بعضهم فهو لا يعدو أن يكون موقفاً على ابن مسعود.. وليس فيه دليلٌ على منع المرأة من الخروج وَمن كانت له أثارةٌ من علم أدرك أنّ سوق الحديث «المرأة عورة..» يُحمل على كونه خبراً وليس انشاءً كحديث «التثاؤب من الشيطان». أتمنى على – العقلاء – ألا يُحمّلوا مقالي ما لا تطيقه ألفاظه ولا أن يُقوّلون بمقتضياته مالا يلزمني.. وحاشاني أن أكون داعية «تبرجٍ أو تعرّي»! ذلك أنّ الشريعة إنما جاءت بمقاصد تحفظ للمرأة كينونتها بما يُحقق له «إنسانيتها» بكامل أهليتها طهراً وعفافاً دون أن تكون هدفاً مستباحاً لغريزة «الذكر» الذي يأبى إلا أن يراها طريحة «فراش» ليس غير! * ما يُشبه الخاتمة: حينَ ترهنُ «المرأةُ» وجودَها (سعودياً) ب «التّحرش» فليس لهذا من معنىً سوى أنّه العيش وَفقَ قانونٍ قد سنّت موادّه «الضِّبان» ذلك أنّ (الحرش والاحتراش تهييج الضبَّ في جحره ليُصاد، يُقال: حرش الضبَّ يحرشه حرشًا صاده، والاحتراش في الأصل هو الجمع والكسب والخداع) فالاختيار للفظة «التحرش» لم تأتِ من فراغٍ إذ هي مقتضى دلالةِ لساننا العربيّ المبين ولسانُ الذي يلوكه «المتغرّبون» أعجميّ اللفظة قانونيُّ المعنى له ظاهرٌ فيما المآرب الأخرى تكمن في باطنه.! ولئن كان «التحرّش» من العلامات الفارقة التي نعرفُ من خلالها أنّ «امرأة سعودية» قد انغمست في مجتمعٍ «ذكوريٍّ» قد نالت جزاءها وِفاقاً جراء خروجها وليس لها من نصير! فإنّ التّحرش من زاويةٍ أخرى يكشف عن مجتمعٍ ذكوريٍّ لم تردعه «النصوص» ولم تعصمه «محافظة مجتمعه/ وتدينه» من سلوكياته المشينة تلك التي أوشكت أن تكون ظاهرة..! وإلى الآن فإنّ ثمة من يتساءل: أين إذن هو الخلل؟! هل هو في المرأة.. في «لذكر» في طبيعة الأسواق.. في الهيئة.. في عدم الجدية في الردع.. في غياب القانون؟! أم في أسبابٍ أخرى لا يعرفها إلا المُتحرّش والمتَحرّش بها؟!!