هكذا هو الفراغ دائماً، يجعل من الشخص المصاب به «تافهاً»، ولا يعي الشخصيات القريبة منه، ويصبح شخصية باحثة عن المشكلات، واختلاق الأحزان. ماذا يمكن أن يحدث لو ابتعد مثل هؤلاء قليلاً عن «تفاهة المشكلات والأحزان، وعاشوا «تفاهة» أخرى، بمعنى الذهاب إلى ما هو أعمق مثل: اختراع ألوان جديدة في السماء؟ ماذا لو أصبحوا ليوم كامل «24 ساعة» فارغين «دون مشكلات، وتركوا كل ما هو سطحي وفارغ يسيطر عليهم؟ في الفراغ لا يوجد هناك ما يسمَّى «الاختناق من العالم»، هم فقط يشعرون بأنهم مختنقون من شخص ما، ويتركونه يسيطر على فكرهم. البكاء في الفراغ ليس ذلاً، بل صدقاً في المشاعر، لذا ستتعلم في الفراغ أنك لم تتغير، بل استوعبت شيئاً أكثر من ذلك، وأن لديك شيئاً أكثر جمالاً في داخلك، وستتعلم أنك لست شخصاً انطوائياً، بل ستختار رفاقك بشكل مختلف ودقيق، سيكون يقينك الكامل بأن سعادتك غالباً في ترك الأحداث تسير على طبيعتها دون أن تمنحها شيئاً من السواد، أو ضبابية الرؤية والمشهد. كما أننا في الفراغ لا نحتاج إلى أن نتصنَّع الجمال والكمال والنرجسية، ونستهلك القهوة، وصوت «فيروز»، فجميعها مثيرة للاشمئزاز لكثرة استهلاكها. إن عشاق القهوة، وسماع أغاني فيروز لا يحتاجون إلى الفراغ، أو الأفكار السيئة، لأنهم سيستنشقون رائحة البن من النوافذ المنبعثة بالحب من تلك المقاهي المملوءة بأسرار زوارها، ومن أكواب القهوة المتناثرة على الطاولة، من أفواه أحبتهم التي تركت أثر القهوة الذي لا يزول مثل الحب الأزلي.