ما إن بدأت الهدنة التي أقرتها الأممالمتحدة وأجبرت قوات النظام وحلفاءه على وقف إطلاق النار في حربهم المجنونة ضد الشعب السوري طيلة خمس سنوات، حتى عاد السوريون إلى التظاهر السلمي تعبيراً عن تمسكهم بحقوقهم، مؤكدين للعالم من جديد بالأيام الأولى لانطلاق مظاهراتهم السلمية، التي كانت في بعض حالاتها تجمع مئات الألوف من السوريين في المدن الكبيرة. هذه المظاهرات التي انطلق شبابها بين أنقاض البيوت والمساكن المهدمة وعلى قلة أعداد المشاركين فيها؛ تؤكد مرة أخرى أن الشعب السوري لايزال متمسكاً بهدفه الأول وهو إسقاط النظام الذي كان مستعداً لاستقدام كل أنواع القتلة والمجرمين ليدمر المدن ويهجِّر الملايين من السوريين ويقتل مئات الألوف، لكنه لم يكن مستعدا للتفاهم ولو على أبسط الأمور مع أبناء البلد. هذه المظاهرات تؤكد للمجتمع الدولي مرة أخرى ألا بديل عن إسقاط النظام، وأن السوريين متمسكون بحقهم برفض هذا النظام، وهي رسالة إلى كل دول العالم ممثلة بالمجتمع الدولي، أن السوريين ليسوا تنظيمات دينية متطرفة مثل «داعش» وأخواته، بل هم الشعب السوري الذي يمتد تاريخ حضارته إلى آلاف السنين، والذي عاش طوال تاريخه موحداً بكل الديانات باسم سوريا، بعيداً عن التمييز بين الأديان، وبعيدا عن التطرف والطائفية التي أتى بهما نظام الأسد وإيران إلى المنطقة. السوريون خلال الأيام الستة من عمر الهدنة الهشة التي تخرقها طائرات روسيا والأسد والميليشيات الطائفية كل يوم تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، يؤكدون للمرة الألف أن «داعش» والتنظيمات الأخرى ليست سورية، فهذه حلب ودرعا ومدن ريف دمشق وإدلب، كلها تخرج للتظاهر حاملة نفس الشعارات التي أطلقتها في بداية الثورة قبل خمس سنوات. مظاهرات السوريين اليوم حملت للعالم الذي صم أذنيه وأدار ظهره للثورة والشعب السوري طوال خمس سنوات رسالة مغزاها أن الحرب والطائفية والتشدد ليست من قيم السوريين.